للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه التاسع: أنه أحد القولين في مذهب أحمد، حكاه شيخنا واختاره وأفتى به (١)، وأقلُّ درجات اختياراته أن يكون وجهًا في المذهب. ومن الممتنع أن يكون اختيار ابن عقيل وأبي الخطاب (٢) والشيخ أبي محمد (٣) وجوهًا يُفتى بها، واختيارات شيخ الإسلام لا تصل إلى هذه المرتبة. فالذي يُجزَم به أن دخول الكفارة في الحلف بالطلاق وكون الثلاث في كلمةٍ واحدةٍ واحدة (٤) أحد الوجهين في مذهب أحمد، وهو مخرَّج على أصوله أصحَّ تخريج. والغرض نقض قول مَن ادعى الإجماع في ذلك، ولتقرير هذه المسألة موضع آخر (٥).


(١) هذه إحدى المسائل الكبار التي اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وأكثر من التصنيف في نصرتها، حتى أصبح يُعرف بها، وله فيها أجوبة كثيرة، مختصرة ومطولة، وينظر المجلد الثالث والثلاثون من «مجموع الفتاوى»، وقد أُوذي بسببها وحُبس رحمه الله تعالى.
(٢) أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكَلْوَذاني أحد أعيان المذهب الحنبلي، توفي سنة عشر وخمسمائة. ترجمته في «ذيل طبقات الحنابلة» (١/ ٢٧٠ - ٢٩٠).
(٣) شيخ الإسلام موفق الدِّين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، صاحب «المغني» وغيره من الكتب السائرة، توفي سنة عشرين وستمائة. ترجمته في «ذيل طبقات الحنابلة» (٣/ ٢٨١ - ٢٩٨).
(٤) «واحدة» سقط من «ح».
(٥) ينظر: «زاد المعاد» (٥/ ٣٤٤ - ٣٨٣) و «إغاثة اللهفان» (١/ ٤٩٩ - ٥٦٩) و «بدائع الفوائد» (٣/ ٣١ - ٣٨). ولقد نصر الإمام ابن القيم هذه المسألة وأُوذي بسببها كذلك. قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٨/ ٥٢٣): «وقد كان مُتصدِّيًا للإفتاء بمسألة الطَّلاق الَّتي اختارها الشَّيخ تقيُّ الدِّين ابن تيمية - رحمه الله - وجرت له بسببها فصولٌ يطول بَسطُها مع قاضي القضاة تقيِّ الدِّين السُّبكيِّ وغيره».