للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيمن مولى عزة يسأل ابن عمر ـ قال أبو الزبير: وأنا أسمع ـ كيف ترى في رجل طَلَّق امرأته حائضًا؟ فقال ابن عمر: طَلَّقَ ابن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأل عمر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن عبد الله بن عمر طلَّق امرأته وهي حائض. قال عبد الله: فردَّها عليَّ ولم يَرَها شيئًا، وقال: إِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ. وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ» (١). قال: وهذا إسنادٌ في غاية الصحة، لا يحتمل التوجيهات.

والكلام على هذا الحديث وعلى الحديث الآخر: «أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ» (٢) وبيان عدم التعارض بينهما له موضعٌ آخَرُ (٣).

والمقصِد أن المسألة من مسائل النزاع، لا من مسائل الإجماع، فأحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد أنه لا يقع الطلاق في زمن الحيض، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٤)، وبالله التوفيق.


(١) قال أبو العباس القرطبي في «المفهم» (٤/ ٢٣٣): «وقوله: «وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - «فطلقوهن في قبل عدتهن» هذا تصريح برفع هذه القراءة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، غير أنها شاذة عن المصحف، ومنقولة آحادًا، فلا تكون قرآنًا، لكنها خبر مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صحيح ... ، وهي قراءة ابن عمر وابن عباس، وفي قراءة ابن مسعود: «لقبل طهرهن». قال جماعة من العلماء: وهي محمولة على التفسير، لا التلاوة».
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٥٨) ومسلم (١٤٧١).
(٣) تكلم الإمام ابن القيم - رحمه الله - على هذه المسألة بتوسُّع في «تهذيب السنن» (٢/ ٤٨٣ - ٥١٦) وختمها بقوله: «وقد أفردت لهذه المسألة مصنفًا مستقلًّا، ذَكَرتُ فيه مذاهب الناس ومآخذهم، وترجيح القول الراجح، والجواب عمَّا احتجَّ به أصحاب القول الآخر».
(٤) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٧٥ - ١٠١).