للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في لغتهم معنًى غير معناه في لغة المتكلِّم، أو أن اللفظ قد اقترنت به قرينةٌ يقطع السَّامع معها بالمراد فخَفِيَت عليه أو ذَهَلَ عنها، ولو نُبِّه عليها لتنبَّه، كما اقترن بلفظ المفاداة في آية الخُلْع تَقَدُّمُ طلقتين وتأخُّر طلقة ثالثة، ووقع بين الطلقتين [ب ٨٣ أ] والطلقة الثَّالثة (١)، ففَهِمَ جمهور الصَّحابة منه أنه غير محسوبٍ من الثلاث، واحتج بذلك ابن عباسٍ (٢) وغيره (٣).

وقد تكون القرينة منفصلة في كلامٍ آخر، بحيث يجزم السَّامع بالمراد من مجموع الكلام، فيخفى أحدهما على السَّامع، أو لا يَتفطَّن له فلا يعرف المراد، فهذا قد يقع لأعلم النَّاس بخطابه - صلى الله عليه وسلم -، وهو من لوازم الطبيعة الإنسانية، ولكنه قليلٌ جدًّا، بالإضافة إلى ما تيقَّنوه من مراده، لا نسبةَ له إليه، فلا يجوز أن يُدَّعى لأجله أن كلام الله ورسوله لا يُفيد اليقين بمرادٍ،


(١) يعني: في قوله تعالى: {اِلطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اَللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اَللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا اَفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اُللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اَللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ اُلظَّالِمُونَ (٢٢٧) فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٢٧ - ٢٢٨].
(٢) أخرج عبد الرزاق في «المصنف» (١١٧٦٥، ١١٧٦٧، ١١٧٧١) وسعيد بن منصور في «السنن» (١٤٥٥) والبيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٣١٦) عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «ذكر الله عز وجل الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك؛ فليس الخلع بطلاق». وقال ابن المنذر في «الأوسط» (٩/ ٣٢٤): «وليس في الباب حديث أصح من حديث ابن عباس، كان أحمد يقول: جيد الإسناد».
(٣) ينظر: «مصنف عبد الرزاق» (٦/ ٤٨٥ - ٤٨٧) و «الأوسط» لابن المنذر (٩/ ٣٢١ - ٣٢٤).