للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غريبة غير مألوفة، وإلَّا فلو اقتصروا على ما يُعرف من الآثار وعلى ما يفهمه العامة من معانيها لَسَلِمَ عِلْم القرآن والسُّنَّة من التأويلات الباطلة والتحريفات.

وهذا أمرٌ موجودٌ في غيرهم، كما تجد المتعنِّتين بوجوه القرآن يأتون من القراءات البديعة المستشنَعة في ألفاظها ومعانيها الخارجة عن قراءة العامة وما أَلِفُوه ما يُغرِبون به على العامَّة، وأنهم قد أُوتوا مِن عِلْم القرآن ما لم يُؤتَه سواهم. وكذلك أصحاب الإعراب يذكرون من الوجوه المستكرَهة البعيدة المتعقِّدة ما يُغرِبون به على النَّاس. وكذلك كثيرٌ من المفسرين يأتون بالعجائب التي تَنفِر عنها النفوس ويأباها القرآن أشدَّ الإباء.

كقول بعضهم: {طه} [طه: ١] لفظة نَبَطِيَّة، معناها: يا رجل ويا إنسان (١). وقال بعضهم: هي من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - مع يس. وعَدُّوا في أسمائه طه ويس (٢).


(١) قال الواحدي في «التفسير البسيط» (١٤/ ٣٤٧): «{طه} قال ابن عباس في رواية عطاء: يا رجل. يريد محمدًا - صلى الله عليه وسلم -. وهو قول الحسن وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وابن أبي نجيح عن مجاهد والكلبي». وينظر «تفسير الطبري» (١٦/ ٥ - ٧).
(٢) قال القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (١١/ ١٦٦): «وقيل: هو اسم للنبي - صلى الله عليه وسلم - سمَّاه الله تعالى به كما سمَّاه محمدًا. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لي عند ربي عشرة أسماء ... » فذكر أن فيها طه ويس». قلت: هذا الحديث وهَّاه الذهبي في «تاريخ الإسلام» (١/ ٤٨٨) وقال ابن ناصر الدين في «جامع الآثار» (٣/ ١٢٩): «قلت: ولم تجئ في حديث صحيح ولا أثر عن الصحابة تسميته - صلى الله عليه وسلم - بـ «طه» و «يس» والله أعلم، وإنما مجراها في القرآن كـ: {الم} و {الر} و {حم} ونحوها».