للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرعونُ بقوله لموسى: {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: ١٠١] هذا المعنى؟! وأراد الكفار بقولهم: {إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} [الحجر: ١٥] هذا المعنى (١)؟!

وكما قال آخرون في قوله: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اُللَّهُ فِي اِلدُّنْيا وَاَلْآخِرَةِ} [الحج: ١٥] أن المعنى يرزقه (٢)، واستشهدوا بقولهم: أرض منصورة أي: ممطورة. ولو تأمَّلَ هذا القائلُ سياقَ [الآية] (٣) وآخرها لَعَلِمَ أن تفسير النصر بالرزق يُزيل معنى الآية عن وَجْهِه الذي قُصِدَ به (٤).

وقال آخرون في قوله: {فَاَلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس: ٩٢] أي: بدِرْعِك، و {نُنَجِّيكَ} نُلقِيك على نَجوةٍ من الأرض (٥).

وقال آخرون في قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاَنْحَرْ} [الكوثر: ٢]: إن المراد به ضَعْ يَدَكَ على نَحْرك. وتكايَسَ غيره (٦) وقال: المعنى استقبلِ القبلة بنحرك (٧).


(١) قال الواحدي في «التفسير البسيط» (١٣/ ٣٥٥): «والاختيار هو القول الأول؛ لقوله تعالى إخبارًا عن فرعون: {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: ١٠١] لا يجوز أن يكون أراد مخلوقًا، وذا سحرٍ، وإنما أراد: مخدوعًا، والمشركون كانوا يذهبون إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعلم ما يأتي به ويُخدع بذلك، يدل على هذا قوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: ١٠٣]. فلذلك قالوا له: {مَسْحُورًا}».
(٢) رواه الطبري في «جامع البيان» (١٦/ ٤٨٠) عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - من طرق.
(٣) «ب»: «الآخرة».
(٤) وجَّهه الطبريُّ في «جامع البيان» (١٦/ ٤٨٣ - ٤٨٤) توجيهًا حسنًا.
(٥) ينظر: «النكت والعيون» للماوردي (٢/ ٤٤٩) و «معالم التنزيل» للبغوي (٤/ ١٤٩) و «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (٨/ ٣٧٩ - ٣٨١).
(٦) كذا في «ب»، وظاهر السياق أن تكون: «غيرهم».
(٧) قال القرطبي في «الجامع» (٢٠/ ٢١٩): «وقال علي - رضي الله عنه - ومحمد بن كعب: المعنى ضع اليمنى على اليسرى حِذاءَ النحر في الصلاة. ورُوي عن ابن عباس أيضًا. ورُوي عن علي أيضًا: أن يرفع يدَيْه في التكبير إلى نحره. وكذا قال جعفر بن علي {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاَنْحَرْ} قال: يرفع يديه أوَّل ما يكبِّر للإحرام إلى النحر ... وعن أبي صالح عن ابن عباس قال: استقبل القبلة بنحرك. وقاله الفراء والكلبي وأبو الأحوص».