للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإخراجٌ لها عمَّا قُصِدَ بها، وهَضْمٌ لمعناها، وإزالةٌ لفائدتها، كقول بعضهم في قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اُللَّهُ وَرَسُولُهُ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا اُلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ اَلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: ٥٧] [ب ٩٢ أ]: إن المراد به عليُّ بن أبي طالب (١). وهذا كَذِبٌ قطعًا على الله أنه أراد عليًّا وَحْدَه بهذا اللفظ العامِّ الشَّامل لكل من اتَّصف بهذه الصفة.

وقولِ هذا القائل أو غيره في قوله تعالى: {وَاَلَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ اُلْمُتَّقُونَ (٣٢ ) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ اُلْمُحْسِنِينَ} [الزمر: ٣٢ - ٣٣] إنه علي بن أبي طالب (٢).

وفي قوله: {فَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاَتَّبَعُوا اُلنُّورَ اَلَّذِي أُنزِلَ


(١) قال شيخ الإسلام في «منهاج السنة» (٢/ ٣٠): «وقد وضع بعض الكذابين حديثًا مفترًى أن هذه الآية نزلت في عليٍّ لمَّا تصدَّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كَذِبٌ بإجماع أهل العلم بالنقل، وكَذِبُه بيِّنٌ من وجوه كثيرة» ثم ذكرها مفصَّلة. وينظر «منهاج السنة» (٧/ ٥ - ٣١) فقد أبطل هذا التفسير بما لا مزيد عليه.
(٢) أخرجه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (٦/ ١٩١) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٤٢/ ٣٥٩ - ٣٦٠) من طريق نصر بن مزاحم، عن عمرو بن سعيد، عن ليث، عن مجاهد. وقال العقيلي: نصر بن مزاحم المنقري كان يذهب إلى التشيع، وفي حديثه اضطرابٌ وخطأٌ كثيرٌ. وذكر أنه لا يُتابع على هذا الأثر. وقال شيخ الإسلام في «منهاج السنة» (٧/ ١٨٨): «هذا ليس منقولًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقول مجاهد وحده ليس بحجة يجب اتباعها على كل مسلم، لو كان هذا النقل صحيحًا عنه، فكيف إذا لم يكن ثابتًا عنه؟! فإنه قد عُرف كثرة الكذب. والثابت عن مجاهد خلاف هذا، وهو أن الصدق هو القرآن، والذي صَدَّقَ به هو المؤمن الذي عَمِلَ به. فجعلها عامَّة، رواه الطبري وغيره عن مجاهد قال: هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة، فيقولون: هذا الذي أعطيتمونا قد اتَّبَعْنا ما فيه». ثم أفاض في بيان خطأ هذا التفسير.