للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خطابٌ سمعيٌّ بوحيٍ يُوحيه المَلَك إلى النَّبيِّ عن الربِّ تعالى، ليست مجرد معرفة الحقائق بقوةٍ قدسيةٍ في البشر تميَّز بها عن غيره، وقوة تخيلٍ وتخييلٍ يتمكَّن بها من (١) التصوُّر وحُسن البصيرة، وقوة تأثيرٍ يتمكن بها من التصرف في عناصر العالم، كما يقول المتفلسفة، ويقولون: إن ما يحصل للنبي من المعارف إنما هو بواسطة القياس العقلي كغيره من البشر، لكن هو أسرع وأكمل إدراكًا للحد الأوسط من غيره، ويزعمون أن علم الربِّ كذلك.

والقائلون بأن اليقين والعلم إنما يحصل من الأدلة العقلية لا من الأدلة السمعية هم هؤلاء، وعنهم تُلقِّي هذا الأصل، ومنهم أُخذ، فهو أحد أصول الفلسفة والإلحاد والزندقة الذي يتضمَّن عزل النبوَّات وما جاءت به الرسل عن الله من الأدلة السمعية، وتولية القواعد المنطقية والآراء الفلسفية، فأخذه منهم متأخِّرو الجهمية، فصالوا به على أهل الكتاب والسُّنَّة، ولقد كان قدماؤهم لا يُصرِّحون بذلك، ولا يتجاسرون عليه، فكشف المتأخرون القناع وألقوا جلباب الدِّين، وصرَّحوا بعزل الوحي عن درجته (٢).

والمسلمون (٣) ـ بل وأهل المِلَل قاطبةً ـ يعلمون بالضرورة أن (٤) أكمل التعليم تعليم الله لصَفِيِّه آدم الأسماء كلَّها، وأكمل التكليم تكليمه سبحانه


(١) «ح»: «آخر». ولعل المثبت هو الصواب. وينظر قول الفلاسفة في النبوة ورد شيخ الإسلام عليهم في «الصفدية» (١/ ٥ - ٦) و «الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان» (ص ٢٠٤) و «النبوات» (١/ ٥٠٥) و «منهاج السنة» (٨/ ٢٣ - ٢٤).
(٢) «ح»: «درجة». ولعل المثبت هو الصواب، والمراد بدرجته: مكانته.
(٣) «ح»: «والمسلمين». والمثبت هو الصواب.
(٤) «ح»: «وأن». والمثبت هو الصواب.