للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أدلِّ الدليل على بطلان آلهيتها، وفساد عبادتها من دونه.

ويذكر ذلك عند دعوته عباده إلى ذكره وشكره وعبادته، فيذكر لهم من أوصاف كماله ونعوت جلاله ما يجذب قلوبهم إلى المبادرة إلى دعوته، والمسارعة إلى طاعته، والتنافس (١) في القرب منه.

ويذكر صفاته أيضًا عند ترغيبه لهم وترهيبه وتخويفه؛ ليُعرِّف القلوب من تخافه وترجوه وترغب إليه وترهب منه.

ويذكر صفاته أيضًا عند أحكامه وأوامره ونواهيه. فقلَّ أن تجد آيةَ حُكْم من أحكام المكلفين إلَّا وهي مختتَمة بصفةٍ من صفاته أو صفتين. وقد يذكر الصفة في أول الآية ووسطها وآخرها كقوله: {قَد سَّمِعَ اَللَّهُ قَوْلَ اَلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اَللَّهِ وَاَللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اَللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: ١] فيذكر صفاته عند سؤال عباده لرسوله عنه، ويذكرها عند سؤالهم له عن أحكامه، حتى إن الصلاة لا تنعقد إلَّا بذكر أسمائه وصفاته، فذكر أسمائه وصفاته روحها وسرها يصحبها من أولها إلى آخرها، وإنما أمر بإقامتها ليُذكَر بأسمائه وصفاته. وأمر عباده أن يسألوه بأسمائه وصفاته، ففتح لهم باب الدعاء رَغَبًا ورَهَبًا ليذكره الدَّاعي بأسمائه وصفاته، فيتوسَّل إليه بها.

ولهذا كان أفضل الدعاء وأجوبه ما توسل فيه الدَّاعي إليه بأسمائه وصفاته. قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ اِلْأَسْمَاءُ اُلْحُسْنى فَاَدْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] وكان اسم الله الأعظم في هاتين [ق ٥٥ ب] الآيتين: آية الكرسي وفاتحة آل عمران (٢)؛ لاشتمالهما على صفة الحياة المصححة لجميع الصِّفات،


(١) «ح»: «ولساقس». والمثبت هو الصواب.
(٢) أخرج الإمام أحمد في «المسند» (٢٨٢٥٩) من طريق شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في هاتين الآيتين {اَللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اَلْحَيُّ اُلْقَيُّومُ} و {الم اَللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اَلْحَيُّ اُلْقَيُّومُ}: «إن فيهما اسم الله الأعظم». وشهر فيه كلام معروف، والمشهور في لفظ هذا الحديث ما أخرجه أبو داود (١٤٩٦) والترمذي (٣٤٧٨) وابن ماجه (٣٨٥٥) وغيرهم من طريق شهر عن أسماء - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اَلرَّحْمَنُ اُلرَّحِيمُ} وفاتحة آل عمران {الم اَللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اَلْحَيُّ اُلْقَيُّومُ}». وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرج الحاكم في «المستدرك» (١/ ٥٠٥ - ٥٠٦) من طريق القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن: في سورة البقرة، وآل عمران، وطه». قال القاسم: فالتمستها أنه الحي القيوم.