للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا قالوا لمن قال أنا مؤمن إن شاء الله: «شكاكًا» صوروا في الذهن قومًا يَشُكُّون في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله ولقائه، لا يجزمون بذلك.

وإذا قالوا لمن أثبت الصِّفات: «إنه مشبِّهٌ» صوروا في الذهن قومًا يقولون: إن الله مثلهم، وله وجهٌ كوجوههم، وسَمْعٌ كأسماعهم، وبصرٌ كأبصارهم، ويدان كأيديهم، ونزولٌ كنزولهم، واستواءٌ كاستوائهم، وفرحٌ كفرحهم.

وإذا قالوا: «حشوية» صوروا في ذهن السَّامع قومًا قد حشوا في الدين ما ليس منه وأدخلوه فيه، وهو حشوٌ لا أصل له.

= فتنفر القلوب من هذه الألقاب وأهلها. ولو ذكروا حقيقة قولهم (١) لما قَبِلَت العقول السليمة والفطر المستقيمة سواه، والله يعلم وملائكته ورسله ـ وهم أيضًا ـ أنهم بَراءٌ من هذه المعاني الباطلة، وأنهم أبعد الخلق منها، وأن خصومهم جمعوا بين أذى الله ورسوله بتعطيل صفاته، وبين أذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، فقعدوا تحت قوله [ق ٦٠ ب]: {إِنَّ اَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اُللَّهُ فِي اِلدُّنْيا وَاَلْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (٥٧) وَاَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَاَلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اَكْتَسَبُوا فَقَدِ اِحْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: ٥٧ - ٥٨].

أفيظن الجاهلون أنَّا نجحد صفات ربنا، وعلوه على خلقه، واستواءه على عرشه، وتكلُّمَه بالقرآن العربي، وتكليمه لموسى حقيقةً كلامًا أَسْمَعه إيَّاه بغير واسطةٍ، وننكر سمعه وبصره وعلمه وقدرته وحياته وإرادته ووجهه


(١) «ح»: «كقولهم». والمثبت من «م».