للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها عن سائر الماهيات، وما له ذاتٌ وصفاتٌ بحيث يتميز بعض صفاته عن بعضٍ. وهذا ثابتٌ للربِّ (١) سبحانه، وإن سمَّاه هؤلاء تركيبًا كما تقدم (٢).

وكذلك لفظ الافتقار لفظٌ مجملٌ، يُراد به فقر الماهية إلى موجدٍ غيرها يتحقق (٣) وجودها به؛ والله سبحانه غنيٌّ عن هذا الافتقار. ويُراد به أن الماهية مفتقرةٌ في ذاتها إلى ذاتها، ولا قوام لذاتها إلَّا بذاتها، وأن الصفة لا تقوم بنفسها، وإنما تقوم بالموصوف، وهذا المعنى حقٌّ، وإن سمَّاه هؤلاء المُلبِّسون فقرًا.

وكذلك لفظ الغَيْر فيه إجمالٌ، يراد بالغيرين ما [جازت] (٤) مفارقة أحدهما للآخر ذاتًا أو مكانًا أو زمانًا، فصفات القديم سبحانه ليست غيرًا له بهذا الاعتبار. ويراد بالغيرين ما جاز العلم بأحدهما دون الآخر، وهذا المعنى حقٌّ في ذاته وصفاته سبحانه، وإن سمَّاها هؤلاء (٥) أغيارًا.

فإن المخلوق يعلم من الخالق صفة بعد صفة، وقد قال أعلم الخلق به: «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» (٦). وهذا لكثرة أسمائه وصفات (٧) كماله ونعوت جلاله. وقال: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ


(١) «للرب» من «م».
(٢) تقدم (ص ٥٨٩ - ٥٩٠).
(٣) «ح»: «بتحقيق». والمثبت من «م».
(٤) زيادة يقتضيها السياق.
(٥) بعده في «ح»: «ولا». وهي زائدة ليست في «م».
(٦) أخرجه مسلم (٤٨٦).
(٧) «ح»: «صفاته». والمثبت من «م».