للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أنه لا يمكن أحدًا أنْ (١) يعيش بدونه ودون ما خُلق منه البتة، ويمكنه أن يعيش برهةً بلا نارٍ، قالت عائشة: «كان يمرُّ بنا الشهر والشهران ما نوقد في بيوتنا نارًا، أو ما نرى نارًا. قال لها عروة: فما كان قُوتُكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء» (٢).

ومنها: أن الأرض تُؤدِّي إليك بما فيها من البركة أضعاف أضعاف ما تُودعه من الحب والنَّوى، وتُربِّيه لك وتغذيه وتنمِّيه. والنَّار تفسده عليك وتمحق بركته.

ومنها: أن الأرض مهبط وحي الله، ومسكن رسله وأنبيائه وأوليائه، وكِفاتُهم (٣) أحياءً وأمواتًا، والنَّار مسكن أعدائه ومأواهم.

ومنها: أن في الأرض بيته الذي جعله إمامًا للناس وقيامًا لهم، وجعل حجَّه مَحَطًّا لأوزارهم، ومُكفِّرًا لسيئاتهم، وجالبًا لهم مصالح معايشهم ومعادهم.

ومنها: أن النَّار طبعها العلو والفساد، وأن الله لا يحب المستكبرين ولا يحب المفسدين، والأرض طبعها الخشوع والإخْبات، والله يحب المُخْبِتين الخاشعين. وقد ظهر هذا بخلق إبراهيم ومحمد وموسى وعيسى والرُّسل من المادة الأرضية، وخلق إبليس وجنوده من المادة النَّارية.


(١) سقط من «ح». وأثبته من «م».
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٦٧) ومسلم (٢٩٧٢).
(٣) الكفات: الموضع الذي يُكفت فيه شيء: أي يُضم، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ اِلْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: ٢٥ - ٢٦]. «الصحاح» (١/ ٢٦٣).