للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَيْءٌ}. وقال إخوانكم من الملاحدة: ليس له ذات أصلًا، تحقيقًا لهذا النفي. وقال غُلاتهم: ولا وجود له تحقيقًا لهذا النفي.

وأمَّا الرُّسل وأتباعهم فقالوا: إنه حيٌّ وله حياة، وليس كمثله شيءٌ في حياته، وهو قويٌّ وله القوة، وليس كمثله (١) شيءٌ في قوته، وهو سميعٌ بصيرٌ له السمع والبصر يسمع ويبصر، وليس كمثله شيءٌ في سمعه وبصره، ومتكلم ومكلم، وليس كمثله شيءٌ في كلامه وتكليمه، وله وجه ويدان وليس كمثله شيءٌ، وهو مستوٍ على عرشه وليس كمثله شيءٌ. وهذا النفي لا يتحقق إلَّا بإثبات صفات الكمال؛ فإنه مدحٌ له وثناءٌ أثنى به على نفسه، والعدم المحض لا يُمدح به (٢) أحدٌ، ولا يُثنى به عليه، ولا يكون كمالًا له، بل هو أنقص النقص، وإنما يكون كمالًا إذا تضمن الإثبات، كقوله [ق ٦٩ أ] تعالى:

{لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: ٢٥٣] لكمال حياته وقيُّوميته.

وقوله: {مَن ذَا اَلَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٣] لكمال غناه وملكه وربوبيته.

وقوله: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٥] {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٨] {وَمَا اَللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ} [غافر: ٣١] لكمال عدله وغناه ورحمته.

وقوله: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: ٣٨] لكمال قدرته.

وقوله: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي اِلْأَرْضِ وَلَا فِي اِلسَّمَاءِ} [يونس: ٦١] {وَمَا يَخْفَى عَلَى اَللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي اِلْأَرْضِ وَلَا فِي اِلسَّمَاءِ} [إبراهيم: ٤٠]


(١) «ح»: «مثله». والمثبت من «م».
(٢) «به» ليس في «ح». ومثبت من «م».