للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طائفةٌ عارضته بعقولهم في الخبريات، وقدَّمت عليه العقل، فقالوا لأصحاب الوحي: لنا العقل ولكم النقل (١).

وطائفةٌ عارضته بآرائهم وقياساتهم، فقالوا لأهل الحديث: لكم الحديث ولنا الرَّأي [ق ٧٢ ب] والقياس.

وطائفةٌ عارضته بحقائقهم وأذواقهم، وقالوا: لكم الشريعة ولنا الحقيقة.

وطائفةٌ عارضته بسياساتهم وتدبيرهم، فقالوا: أنتم أصحاب الشريعة ونحن أصحاب السياسة.

وطائفةٌ عارضته بالتأويل الباطن، فقالوا (٢): أنتم أصحاب الظَّاهر ونحن أصحاب الباطن.

ثم إن كل طائفةٍ من هذه الطوائف لا ضابط لما تأتي به من ذلك، بل ما تأتي به تبعٌ (٣) لأهوائها؛ كما قال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاَعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص: ٥٠] وقال: {وَأَنِ اِحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اَللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: ٥١] فما هو إلَّا الوحي أو الهوى (٤)، كما قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ اِلْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى} [النجم: ٣ - ٤] فجعل النُّطق نوعين: نطقًا عن الوحي، ونطقًا عن الهوى.

ثم إذا رُدَّ على كلٍّ من هؤلاء باطله رجع إلى طاغوته، وقال: في العقل ما


(١) «ح»: «لنا النقل ولكم العقل». وهو مقلوب.
(٢) «ح»: «فقال».
(٣) «ح»: «تتبع».
(٤) «ح»: «الوحي».