للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحابه يعتقدون فيه نقيض ما أظهره للناس، بل كل من كان به أخص وبحاله أعرف كان أعظم موافقةً له وتصديقًا له على ما أظهره وبيَّنه وأخبر به.

فلو كان الحق في الباطن خلاف ما أظهره لزم أحد الأمرين: إمَّا أن يكون جاهلًا به، أو كاتمًا له عن الخاصَّة والعامَّة، ومظهرًا خلافه للخاصة والعامة، وهذا من أعظم الأمور امتناعًا، ومُدَّعيه في غاية الوقاحة والبهت.

ولهذا لمَّا علم هؤلاء أنه يستحيل كتمان ذلك عن خواصه وضعوا أحاديث بيَّنوا فيها أنه كان له خطابٌ مع خاصَّته غير الخطاب العامِّي، مثل الحديث المُختلق المُفترى عن عمر أنه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحدث مع أبي بكر وكنت كالزنجي بينهما» (١).

ومثل ما تدعيه الرَّافضة أنه كان عند عليٍّ علمٌ خاصٌّ باطنٌ يُخالف هذا الظَّاهر. ولمَّا علم الله (٢) سبحانه أن ذلك يُدَّعى في عليٍّ وَفَّقَ مَن سأله: هل عندكم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ خصكم به دون النَّاس؟ فقال: «لا، والذي خلق الحبة، وبرأ النسمة، ما أَسَرَّ إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا كتمه عن غيرنا إلَّا فهمًا يُؤتيه الله عبدًا في كتابه، وما في هذه الصحيفة. وكان فيها العقول والديات (٣) وفكاك


(١) أخرجه عمر بن محمد الملا في «وسيلة المتعبدين» كما في «الرياض النضرة» للمحب الطبري (١/ ١٥١) وهو حديث موضوع مكذوب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في «الفرقان» (ص ١٩): «كذبٌ موضوعٌ باتفاق أهل العلم بالحديث». وعَدَّه المصنف في «المنار المنيف» (ص ٧٧) مما وضعه جهلة المنتسبين للسنة في فضائل أبي بكر الصدِّيق - رضي الله عنه -. وينظر «مجموع الفتاوى» (١١/ ١٠٩).
(٢) «ح»: «أنه». والمثبت من «م».
(٣) كذا في «ح»، «م»، والعقول هي الديات، وقد تقدم (ص ٢٦٠) بلفظ «العقل أي الديات».