للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، قريبٌ مجيدٌ، رحيمٌ ودودٌ، لطيفٌ خبيرٌ.

فصل

وقال الآخر: بل هو موصوفٌ بالسلوب والإضافات، فلا سمع له، ولا بصر، ولا حياة ولا إرادة، ولا يتكلم ولا يكلِّم أحدًا من خلقه، ولا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق العرش ولا تحته، ولا يمينه ولا يساره، ولا خلفه ولا أمامه، ولا له وجهٌ ولا يدٌ، ولا يرضى ولا يغضب، ولا يسخط ولا يضحك، ولا يفرح بتوبة تائبٍ، ولا استوى على عرشه، ولا ينزل كل ليلةٍ إلى سماء الدنيا، ولا يأتي يوم القيامة، ولا يجيء لفصل القضاء، ولا يراه المؤمنون بأبصارهم، ولا يستمعون كلامه، ولا يقوم به فعل البتة ولا وصف، ولا له حقيقة وماهية غير وجودٍ مطلقٍ، وهو وجهٌ كله، وسمعٌ كله، وبصرٌ كله، ويدٌ كله، علمه ذاته، وسمعه وبصره علمه، ليس له يدٌ غير القدرة، خلق بها آدم، وكتب بها التوراة، وغرس بها جنة عدن، يقبض بها السماوات، وليس له وجهٌ يراه المؤمنون بأبصارهم، ليس بجوهرٍ ولا جسمٍ ولا متحيزٍ ولا متحركٍ ولا ساكنٍ، ولا ينزل من عنده شيءٌ، ولا يصعد إليه شيءٌ، ولا يقرب من شيءٍ، ولا يقرب منه شيءٌ، ولا يحبه أحدٌ، ولا يحب أحدًا، إلى أمثال ذلك من النفي.

فاعرض أقوال هذين الخصمين على الفطرة الصحيحة والعقل واجلس مجلس الحكومة بينهما، ثم تحيَّزْ إلى أيِّ الفئتين شئت، فما ثَمَّ إلَّا الإثبات من كل وجهٍ لما أثبته الله لنفسه وأثبته رسوله، أو التعطيل الصرف والنفي المحض. فاختر لنفسك إحدى الخطتين، واجعلها مع إحدى الفئتين، فالمرء