للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (٢٨) اَلَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اِللَّهِ} [الرعد: ٢٨ - ٢٩]. أي: بكتابه الذي أنزله، وهو ذكره وكلامه، ولو كان في العقل الصريح ما يخالفه لم تطمئن به قلوب العقلاء. والعاقل اللبيب إذا تدبَّر القرآن وتدبَّر كلام هؤلاء المعارضين له تبين أن الريبة كلها في كلامهم، والطمأنينة في كلام الله ورسوله.

وأخبر سبحانه أن التوراة ـ التي هو أكمل وأجلُّ منها ـ إمامٌ، فقال تعالى: {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} [الأحقاف: ١١] والإمام هو القدوة الذي يُؤتم به، وكيف يُقتدى بكلامٍ يخالف صريح العقل.

وسمَّاه سبحانه فرقانًا (١)؛ لأنه فرق بين الحق والباطل، فلو خالف صريح العقل لم يكن فرقانًا، ولكان الفرقان كلام هؤلاء الضَّالين المضلين.

وأخبر أنه كتابٌ مباركٌ (٢)، والمبارك: الكثير البركة والخير والهُدى والرحمة، وهذا لا يكون فيما يردُّه العقل ويقضي بخلافه.

وأخبر أن الباطل لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه (٣)، ولو كان العقل يخالفه لأتاه الباطل من كل جهةٍ.

وأخبر أنه كتابٌ أُحكِمت آياته (٤)، ....................................


(١) في قوله تعالى: {تَبَارَكَ اَلَّذِي نَزَّلَ اَلْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: ١].
(٢) في قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: ٩٣] وغيره.
(٣) في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤٠) لَّا يَأْتِيهِ اِلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٠ - ٤١].
(٤) في قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: ١].