للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإلحاد والنفاق والإعراض عمَّا جاء به الرسول. وهذه حال الذين ذكرهم الله في قوله: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ اِلْحَقَّ فَأَخَذتُّهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} [غافر: ٤].

وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ اَلْإِنسِ وَاَلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ اَلْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ١١٣].

فجنس هؤلاء هم المكذبون للرسل، ولا يُحتج عليهم بما هم مكذبون به، ولا بما يزعمون أن العقل الصريح عارضه. ولكن المقصود تعريف حال هؤلاء، وأن طريقتهم مشتقة من طريقة المكذبين للرسل. وأمَّا طريق الرد عليهم فلأتباع الرسول وأنصاره فيه مسالك:

الأول: بيان فساد ما ادعوه معارضًا للنصوص من عقلياتهم.

الثاني: بيان [أن] (١) ما جاء به الرسول من الإثبات معلوم بالضرورة من دينه، كما هو معلوم بالأدلة اليقينية، فلا يمكن مع تصديق الرسول مخالفة ذلك.

الثالث: بيان أن المعقول الصريح يوافق ما جاء به الرسول، لا يعارضه. وبيان أن ذلك معلومٌ بضرورة العقل تارةً (٢)، وبنظره تارةً. وهذا أقطع لحجة المعارضين للوحي؛ فإنهم يدلون بالعقل، والعقل الصحيح من أقوى الأدلة على بطلان قولهم.


(١) من «درء التعارض» (٦/ ٤).
(٢) في: «ح»: «بشأنه». ولعل المثبت هو الصواب.