للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الصفة فإنها ذاتية لها، ولا يرتفع إلَّا برفع الصفة، ويلزمها لوازم من حيث كونها صفة للقديم مثل كونها واجبة قديمة عامة التعلُّق، فإن صفة العلم واجبة لله قديمة غير حادثةٍ، متعلقة بكل معلومٍ على التفصيل. وهذه اللوازم منتفية عن العلم الذي هو صفة للمخلوق، ويلزمها لوازم من حيث كونها صفة له مثل كونها ممكنة حادثة بعد أن لم تكن، مخلوقة غير صالحة للعموم، مفارقة له، فهذه اللوازم يستحيل إضافتها إلى القديم.

واجعل هذا التفصيل ميزانًا لك في جميع الصِّفات والأفعال، واعتصم به في نفي التشبيه والتمثيل، وفي بطلان النفي والتعطيل.

واعتبره في العلو والاستواء تجد هذه الصفة يلزمها كون العالي فوق السافل في القديم والحديث، فهذا اللازم حقٌّ لا يجوز نفيه، ويلزمها كون السافل حاويًا (١) للأعلى، محيطًا به حاملًا له والأعلى مفتقر إليه، وهذا في بعض المخلوقات لا في كلها، بل بعضها لا يفتقر فيه الأعلى إلى الأسفل (٢)، ولا يحويه الأسفل، ولا يحيط به، ولا يحمله كالسماء مع الأرض. فالربُّ تعالى أجل شأنًا وأعظم أن يلزم من علوه ذلك، بل لوازم علوه من خصائصه، وهي حمله للسافل، وفقر السافل إليه، وغناه سبحانه عنه، وإحاطته (٣) عز وجل به. فهو فوق العرش مع حمله العرش وحملته، وغناه عن العرش، وفقر العرش إليه، وإحاطته بالعرش، وعدم إحاطة العرش به، وحصره للعرش، وعدم حصر العرش له، وهذه اللوازم منتفية عن المخلوق.


(١) «ح»، «م»: «حادثًا». والمثبت من حاشية «م» وعليه: «ظ».
(٢) «ح»: «السفل». والمثبت من «م».
(٣) «ح»: «وإحاطة». والمثبت من «م».