للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجيء للفصل بين عباده، ولا تُرفع إليه الأيدي، ولا يُشار إليه بالأصابع، ولا يمكن رؤيته البتة، ولا قال ولا يقول، ولا يكلم ولا يتكلم، ولا نادى ولا ينادي، ولا له علم ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا إرادة ولا وجه ولا يد ولا عين ولا إصبع.

وغلاتهم يقولون: لا يُسمَّى حيًّا عالمًا قادرًا إلَّا بطريق المجاز. ويقولون: لو أثبتنا هذه الصِّفات لزم أن يكون جسمًا، والجسم مركب، والمركب ممكن، والممكن محدث؛ فإثبات هذه الصِّفات تنافي قدمه ووجوب وجوده.

وأمَّا أهل الإثبات فيقولون: الموصوف بهذه الصِّفات السلبية، المنفي عنه الصِّفات الثبوتية لا يكون إلَّا ممتنعًا، والامتناع ينافي الوجود فضلًا عن وجوبه، والذين وصفوه بهذه السلوب وصفوه بما لا يتصف به إلَّا ما يمتنع وجوده، ومن وصف ما يجب وجوده بما يمتنع وجوده فقد جعله دون المعدوم الممكن الوجود.

ويقولون للمعطلة النفاة: أنتم فررتم من وصفه بما يستلزم الإنكار بزعمكم، فوصفتموه بما يستلزم الامتناع من وصفه، ومن وصفه (١) بما يستلزم الحدوث على ظنكم، فوصفتموه بما يستلزم العدم. والأجسام الجامدة خير من المسلوب عنه هذه الصِّفات، فضلًا عن الأجسام الحية الناقصة، فضلًا عن الأجسام الحية الكاملة. قالوا: ومن المعلوم أنه إذا دار الأمر بين وجود حيٍّ كاملٍ وبين معدومٍ أو ممتنعٍ كان الموجود خيرًا من المعدوم. يوضحه:


(١) «ح»: «وصف».