للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختصاص، وليس شيءٌ من المخلوقات يحجب عنه شيئًا.

وقال لسان المتكلمين القاضي أبو بكر بن الباقلاني في كتاب «الإبانة» (١) و «التمهيد» (٢) وغيرهما: «فإن قال قائل: أتقولون إنه في كل مكان؟ قيل: معاذ الله، بل هو مستوٍ على عرشه؛ كما أخبر في كتابه، فقال: {اَلرَّحْمَنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى} [طه: ٤] وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ اُلْكَلِمُ اُلطَّيِّبُ وَاَلْعَمَلُ اُلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠] وقال: {آامِنتُم مَّن فِي اِلسَّمَاءِ اَن يَخْسِفَ بِكُمُ اُلْأَرْضَ} [الملك: ١٧]. ولو كان في كل مكانٍ لكان في بطن الإنسان، وفي المواضع التي يُرغب عن ذكرها، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، وينقص بنقصانها إذا أبطل منها ما كان، ولصحَّ (٣) أن يُرغب إليه إلى نحو الأرض وإلى خلفنا وعن أيماننا وشمائلنا. وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله».

وقد ذكرنا في كتاب «اجتماع العساكر الإسلامية على غزو الفرقة الجهمية» (٤) أضعاف أضعاف هذه النقول عن الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة نصًّا صريحًا عنهم، نقل أصحابهم وغيرهم، وأئمة التفسير، وأئمة اللغة، وأئمة النحو، وأئمة الفقه، وسادات الصوفية، وشعراء الجاهلية والإسلام، ممَّا في بعضه كفاية لمن أراد الله هدايته. ومن طبع الله على قلبه، فإن آيات الله تُتلى عليه وكلام رسوله ولا يزيده ذلك إلَّا مرضًا على مرضه.


(١) لم نقف عليه.
(٢) «التمهيد» (ص ٢٦٠).
(٣) «ح»: «ما يصح». والمثبت من «التمهيد».
(٤) «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص ١٦٢ - ٥١٠).