للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفاضل عندهم الشاك، وكلما كان الرجل أعظم شكًّا كان عندهم أفضل، [ق ٩٩ أ]. فهذا شكهم في الدنيا، وأمَّا عند الموت فقد قال العارف بحقيقة أمرهم (١): «أكثر الناس شكًّا عند الموت أرباب الكلام».

وقد أقروا على أنفسهم بالشك وعدم اليقين في كتبهم وعند موتهم، كما تقدم (٢) حكاية ذلك عن أفاضلهم ورؤوسهم حتى قال بعضهم (٣) عند موته: «والله ما أدري على ماذا أموت عليه، ثم قال: اشهدوا علي أني على عقيدة أمي».

وقال الآخر (٤): «اشهدوا علي أني أموت وما عرفت إلَّا مسألة واحدة، وهي أن الممكن مفتقرٌ إلى الواجب». ثم قال: «الافتقار أمر عدمي، بل أموت وما عرفت شيئًا».

وقال الآخر (٥): «أضع الإزار (٦) على وجهي، ثم أقابل بين أقوال هؤلاء وهؤلاء حتى يطلع الفجر ولا يتبيَّن لي منها شيءٌ».

ويقول الآخر (٧): «لقد تأمَّلت الطُّرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلًا، ولا تروي غليلًا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن:


(١) هو أبو حامد الغزالي، كما تقدم (ص ١٧).
(٢) ينظر (ص ١٦ - ١٧، ٥٠٨).
(٣) هو أبو المعالي الجويني، كما تقدم (ص ١٧).
(٤) هو الخونجي، كما تقدم (ص ١٧).
(٥) هو ابن واصل الحموي، كما تقدم (ص ٥٠٨).
(٦) كذا في «ح»، وتقدم بلفظ: «الملحفة».
(٧) هو الفخر الرازي، كما تقدم (ص ١٧).