للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشافعي وغيرهم وفقهاء الرأي، فرأى قوة مذهب أهل الحديث فرجَّحه، وغزا المشركين بالهند.

وهذه العقيدة مشهورة، وفيها: «كان ربنا وحده ولا شيء معه، ولا مكان يحويه، فخلق كل شيءٍ بقدرته، وخلق العرش لا لحاجة إليه، فاستوى عليه استواءَ استقرارٍ كيف شاء وأراد، لا استواءَ راحةٍ كما يستريح الخلق، وهو يُدبِّر السماوات والأرض، ويُدبِّر ما فيهما ومن في البر والبحر، لا مدبِّر غيره ولا حافظ سواه، يرزقهم ويمرضهم، ويعافيهم ويميتهم، والخلق كلهم عاجزون: الملائكة، والنبيون، والمرسلون، وسائر الخلق أجمعين. والقادر بقدرة، والعالم بعلم أزلي غير مستفاد، وهو السميع بسمع، والبصير ببصر، يعرف صفتهما من نفسه، ولا يبلغ كنههما أحد من خلقه، متكلم بكلام يخرج منه لا بآلة مخلوقة كآلة المخلوقين، لا يوصف إلَّا بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه، وكل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - فهي صفة حقيقية لا صفة مجاز» (١).

وقال أبو عمر أيضًا (٢): «أجمعُ علماء الصحابة والتابعين الذين حُمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: ٧]. هو على العرش، وعلمه في كل مكان. وما خالفهم في ذلك أحدٌ يحتج بقوله».

وقال أيضًا (٣): «أهل السُّنَّة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها


(١) نقله عنه ابن تيمية في «درء التعارض» (٦/ ٢٥٢ - ٢٥٤).
(٢) «التمهيد» (٧/ ١٣٩).
(٣) «التمهيد» (٧/ ١٤٥).