للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سماوات». قال أبو مطيع: قلت: فإن قال: إنه على العرش، وقال: لا أدري العرش في السماء أم في الأرض. قال: هو كافرٌ؛ لأنه أنكر أن يكون الله في السماء؛ لأنه تعالى في أعلى عليين، وهو يُدعى مِن أعلى لا مِن أسفل.

وفي لفظ آخر: قال أبو مطيع: سألت أبا حنيفة عمَّن قال: لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض. قال: قد كفر؛ لأن الله يقول: {اَلرَّحْمَنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى} [طه: ٤] وعرشه فوق سبع سماواتٍ. قال: فإنه يقول: على العرش استوى، ولكنه لا يدري العرش في الأرض أم في السماء. قال: إذا أنكر أنه في السماء فقد كفر». ذكره البيهقي (١) وغيره.

وروى عبد الله بن أحمد (٢) وغيره عن عبد الله بن المبارك بأسانيد صحيحةٍ بأنه سُئل: بماذا نعرف ربنا؟ قال: «بأنه فوق سماواته على عرشه، بائنٌ من خلقه، ولا نقول كما تقول الجهمية بأنه هاهنا في الأرض».

وهكذا قال الإمام أحمد فيما حكاه الخلَّال عنه في «الجامع» (٣) قال في


(١) لم نقف عليه في مظانه من كتب البيهقي المطبوعة، وقال ابن تيمية في «درء التعارض» (٦/ ٢٦٣): «وقال أبو حنيفة في كتاب «الفقه الأكبر» المعروف المشهور عند أصحابه، الذي رووه بالإسناد عن أبي مطيع الحكم بن عبد الله البلخي». فذكره، وينظر: «الفقه الأكبر» (ص ١٣٥) و «إثبات صفة العلو» لابن قدامة (ص ١٧٠) و «العلو» للذهبي (٣٦٣). وعزاه منهم ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص ٣٢٣) وغير واحد لشيخ الإسلام الأنصاري في كتابه «الفاروق». وقد نقل البيهقي في «الأسماء والصفات» (٢/ ٣٣٧) عن أبي حنيفة أثرًا آخر في علو الله على خلقه.
(٢) «السنة» (٢٢، ٥٩٨).
(٣) ينظر «الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص ١٤٢).