للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوله عسلٌ، وآخره سمٌّ، وإنما يجادلون (١) أن يقولوا: ليس في السماء إله» (٢).

وقال أبو الوليد بن رشد في كتاب «مناهج الأدلة» (٣): «القول في الجهة: وأمَّا هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة في أول الأمر يثبتونها لله حتى نفتها المعتزلة، وتبعهم على ذلك متأخرو الأشعرية». وساق أدلة القرآن عليها إلى أن قال: «والشرائع كلها مبنية على أن الله في السماء، وأن منها تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين، وأن من السماء نزلت الكتب، وإليها كان الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قرب من سدرة المنتهى. قال: وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء، كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك». ثم قرَّر ذلك بالدليل العقلي، وبيَّن بطلان شُبهة المعطلة (٤).

وهذه النقول التي حكيناها قليلٌ من كثيرٍ، وقد ذكرنا أضعاف أضعافها في كتاب «اجتماع العساكر الإسلامية على غزو الفرقة الجهمية» (٥)، وهي تُبيِّن كَذِبَ مَن قال: إنه لم يقل بذلك إلَّا الكرَّامية والحنبلية، وفريتَه (٦) وجهلَه.

والمقصود بأن علو الخالق على المخلوقات كلها وكونه [ق ١٠٣ ب]


(١) في «درء التعارض»: «يحاولون».
(٢) نقله عنه: ابن تيمية في «درء التعارض» (٦/ ٢٥٦) والذهبي في «العرش» (٢١٠) وفي «العلو» (٤٤١) وفي «الأربعين» (٤١).
(٣) «الكشف عن مناهج الأدلة» (ص ١٧٦).
(٤) وقد سبق (ص ١٨٨ - ١٩٧) نقل كلام ابن رشد بتمامه.
(٥) «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص ١٦٢ - ٥١٠).
(٦) «ح»: «قريبه». ولعل المثبت هو الصواب.