للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللازم والملزوم بتغيير العبارة، وكأنكم قلتم: لو كان فوق العالم مستويًا على عرشه لكان فوق العالم. ولكنكم لبَّسْتم وأوهمتم.

وإن عنيتم بالجسم المركب من الجواهر الفردة، فجمهور العقلاء ينازعونكم في إثبات الجوهر الفرد، فضلًا عن تركب الأجسام الحادثة منه، فالملازمة باطلة كاذبة.

وإن عنيتم به المركب من الهيولى والصورة، فأنتم قد قررتم بطلان تركب الأجسام من ذلك، فأنتم أبطلتم هذا التركيب الذي يدَّعيه الفلاسفة، وهم أبطلوا التركيب الذي تدعونه من الجواهر الفردة، وجمهور العقلاء أبطلوا هذا وهذا. فإذا كان هذا غير لازمٍ في الأجسام المحسوسة المشاهدة بل هو باطلٌ، فكيف يُدَّعى لزومه فيمن ليس كمثله شيءٌ؟

وإن عنيتم بالتجسيم تميز شيءٍ منه عن شيءٍ، قيل لكم: انفصلوا أولًا عن قول نفاة الصِّفات: لو كان له سمعٌ وبصرٌ وحياةٌ وقدرةٌ، لزم أن (١) يتميز منه شيءٌ عن شيءٍ، وذلك عين التجسيم.

فإذا انفصلتم منهم أجبناكم بما تجيبونهم به. فإن أبيتم إلَّا الجواب منَّا قلنا: إنما قام الدليل على إثبات إلهٍ قديمٍ غنيٍّ بنفسه عن كل ما سواه، وكلُّ ما سواه فقير إليه، كلُّ أحدٍ محتاج إليه، وليس محتاجًا إلى أحدٍ، ووجود كل شيءٍ مستفاد منه، ووجوده ليس مستفادًا من غيره. ولم يقم الدليل على استحالة تكثر أوصاف كماله، وتعدد أسمائه الدالة على صفاته وأفعاله؛ بل هو إلهٌ واحدٌ، وربٌّ واحدٌ، وإن تكثرت صفاته، وتعددت أسماؤه؛ فلا إله غيره، ولا ربَّ سواه.


(١) سقط من «ح»، وأثبته من «م».