روى الإمام مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ألم تر آيات أنزلت الليلة لم يُرَ مثلهن قط: (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس))، أي: آيات عظيمة جداً تنفعك في الدنيا والآخرة، فتحرسك هذه الآيات في الدنيا، ويكون لك أجرها عند الله عز وجل يوم القيامة.
ويطلق على هذه السور مع (قل هو الله أحد) المعوذات، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم معجباً من هذه الآيات أنه لم ينزل مثلهن.
روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما) صلوات الله وسلامه عليه.
أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من عين الإنسان، ومن الجان، وكأنه كان يكثر من ذلك صلوات الله وسلامه عليه، وفي أذكار الصباح والمساء يتعوذ الإنسان بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ولما نزلت عليه هاتان السورتان أخذ بهما النبي صلى الله عليه وسلم، لأنهما تكفيان عن غيرهما في التعوذ.
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وكأنه كان بعيداً من النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قرب من النبي صلى الله عليه وسلم سأله أنه يعلمه شيئاً يصلي به، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، فكأنه استقل ذلك، وأراد أن يعلمه سورة طويلة مثل سورة البقرة، أو سورة النساء، وأما هاتان فكل الناس يحفظونهما، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن صلى بهم الفجر بـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، والتفت إلى المغيرة وقال: كيف رأيت؟ أي: أني أنا قرأت بهما في صلاة الفجر، والله سبحانه تبارك وتعالى يقول:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}[الإسراء:٧٨]، أي: تشهده ملائكة الليل والنهار، ويشهده المؤمنون المصلون، فقرأ بـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)؛ ليبين عظيم فضل هاتين السورتين.