للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شقاوة من يجمع الدنيا من الحرام والحلال]

وأبأس إنساناً يطلب الدنيا ويحصلها من حلال وحرام، ويجمع ويدخر ثم يموت وهو كانز لهذا المال، ويأتي الورثة ليأخذوا هذا المال، وعندما يتذكرونه لعلهم لا يدعون له، ولعلهم يقولون: هذا كان يسرق المال، وكان يعمل كذا وكذا بهذا المال.

الإنسان الطمع الذي يأخذ المال في الدنيا سيسأله الله عز وجل عن هذا المال كله، ومن العجيب أن هذا الإنسان البائس عندما يأتي يوم القيامة وقد جمع في الدنيا أموالاً من حلال ومن حرام يحاسبه الله عز وجل على كل شيء أخذه: لم أخذته؟ إن هذا حرام تستحق عليه النار.

فلا هو انتفع بهذا المال في الدنيا، ولا غيره دعوا له لما أخذوا هذا المال، وإنما حوسب هو على المال كله عند الله سبحانه وتعالى.

لذلك فإن الإنسان المؤمن يحذر من أن يأخذ الحرام، وأن يمد يده إلى الحرام؛ لأنه يعلم أنه سيلقى الله سبحانه ويسأله.

فربما عمل في شركة من الشركات وأخذ رشاوى من هذه الشركة، إلى أن جمع من هذه الرشاوى مالاً كثيراً، ثم لما مات جاء الورثة بعد ذلك يسأل بعضهم بعضاً: ماذا نصنع بهذا المال؟ أنأخذه أم نتصدق به؟ فهذا الذي جمع هذا المال يا ترى هل جرى بخاطره أنه سيموت ويترك المال كله؟ ها هو الآن ذهب إلى ربه ليسأله عما جمع من مال، وما أخذ من رشوة، لقد ذهب ولم يستمتع بما جمع وأصبح يقال عنه: هذا كان يسرق المال، ويأخذ الرشوة، مع أن الحديث يقول: (اذكروا محاسن موتاكم)، وهذا الإنسان كان يأخذ الرشوة وذلك ليس من محاسنه بل من سيئاته.

فإن قيل يتصدق به فلا يجوز لإنسان أنه يأخذ مثل هذا المال الحرام.

فاحذر أن تجمع الدنيا وفي النهاية يحرمك الله عز وجل منها، فلعل إنساناً يجمع مثل هذا المال ويبتليه الله سبحانه وتعالى بضعف في الكلى مثلاً، فيريد أن يزرع كلى فيحتاج إلى مائة ألف أو مائتين ألف، حتى يسأل الناس؛ لأنه محتاج إلى أن يغسل الكلى في كل يوم.

إن المال الحلال يأخذه الإنسان ويكون له فيه بركة، ويأكل منه فيكون له شفاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:٥١] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:١٧٢]).