إنه من علامات التكذيب بالدين وبالجزاء وبالحساب، دعُّ اليتيم والمسكين؛ لأنه في اعتقاده وظنه أنه لا حساب ولا جزاء، فيظن أنه خلق للدنيا ويموت ولا يرجع، فإذا به يكذب بالجزاء والحساب ويدع اليتيم، ولو آمن بيوم القيامة لما نهر يتيماً ولا مسكيناً أبداً.
وفي حديث سعد بن أبي وقاص: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترءون علينا.
ذكرنا هذه القصة وكيف أن المشركين يحبون التعالي، فطلبوا من النبي أن يعلمهم لوحدهم، والضعفاء لوحدهم، ومن هؤلاء الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن الفزاري، والأقرع بن حابس، وكانوا سادة في قومهم، فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون لهم يوم لوحدهم، حتى لا تتحدث العرب أنهم قعدوا مع الفقراء والمساكين.
يقول:(فحدث نفسه صلى الله عليه وسلم)، يعني: بأن يجعل لهم يوماً، ولهؤلاء يوماً آخر، فإنهم إن أسلموا سيتعلمون التواضع ويتعلمون العلم الشرعي، فنزلت آية تحذر النبي صلوات الله وسلامه عليه من ذلك، قال تعالى:{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأنعام:٥٢]، أي: تظلم نفسك بطرد هؤلاء، فإذا به يأبى صلوات الله وسلامه عليه إلا أن يطيع ربه في هؤلاء الفقراء والمساكين.