قول الله سبحانه وتعالى {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ}[البقرة:١٣٢]، وصى بها أي: بكلمة التوحيد فإنه وصاهم بأن يديموا إقامة دين رب العالمين وشرعته ومنهاجه سبحانه وتعالى، قال:{يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ}[البقرة:١٣٢] أي: اختار لكم دين الإسلام، فهو نعمة عظيمة وهدية من الله {فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة:١٣٢].
ودين الإسلام هو دين الرسل جميعهم عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، فقد اختار الله عز وجل للخلق هذا الدين العظيم (الإسلام)، اختار لهم أن يسلموا وجوههم وأن يسلموا قلوبهم وأبدانهم لله سبحانه وتعالى ليحكم فيهم بما يشاء فقال:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة:٣]، وأخبر أنه دين الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنهم كانوا يوصون أبناءهم به:{فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة:١٣٢].
ووصى بها إبراهيم بنيه، ووصى بها يعقوب الذي هو: أبو يوسف على نبينا عليه الصلاة والسلام وصاهم أن يموتوا على هذا الدين العظيم، {فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}[البقرة:١٣٢ - ١٣٣]، غيعقوب أبو يوسف الذي لقبه إسرائيل، لما حضرته الوفاة:{قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي}[البقرة:١٣٣]، وأبناؤه فيهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فجمع أبناءه وأحفاده وأوصاهم بتقوى الله سبحانه، وسألهم: من الذي ستعبدونه من بعدي؟ إنكم كنتم تعبدون الله وحده لا شريك له، فهل ستتمسكون بهذا الدين أم تتركون هذا الدين؟ وهو يعلم
الجواب
{ قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ}[البقرة:١٣٣]، الإله الواحد سبحانه، {وَإِلَهَ آبَائِكَ}[البقرة:١٣٣]، الذين هم: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحد لا نشرك به شيئاً سبحانه، {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة:١٣٣].
فهذه الوصية ينبغي لكل مسلم أن يوصي بها نفسه وأن يوصي بها أهله وبنيه وغيرهم بأن يديموا عبادتهم لله سبحانه وأن تأتيهم الوفاة وهم متمسكون بهذا الدين.
وإذا أردت أن تأتيك الوفاة وأنت على هذا الدين فتمسك به من الآن؛ لأنك لا تدري متى تأتيك الوفاة، فالمسلم مستحضر أنه ربما يموت الآن أو بعد قليل، فيكون متمسكاً بالدين لا يتركه أبداً إلى الموت.