عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا).
الضيعة: الأراضي، وهنا كأن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كان أمرهم الجهاد في سبيل الله عز وجل، فقد كانوا مجاهدين مع النبي صلى الله عليه وسلم وفجأة قالوا: نريد أن نصلح أرضنا ونجلس فيها ويكفي ما قد قدمنا! فربنا سبحانه وتعالى حذرهم من ذلك، فكأنه يقول: أنتم المجاهدون! أنتم الذين اخترناكم لصحبة النبي صلوات الله وسلامه عليه! لستم أنتم الذين ترغبون في الضيعة وتتركون الدار الآخرة، بل أنتم الذين ستجاهدون لكي تبلغوا هذا الدين؛ ليقتدي بكم من بعدكم، فربنا سبحانه وتعالى قال لهم:{وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة:١٩٥].
فكان التحذير من الإلقاء باليد في التهلكة أن يتركوا الجهاد فيقولون: نحن جاهدنا ما فيه الكفاية، وربنا قد فتح لنا مكة فنجلس للزراعة فحذرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن كما حذرهم من قبل ربنا سبحانه، فتحذير النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم في هذا الحديث:(لا تتخذوا الضيعة) والسبب: سترغبون في الدنيا، إذاً: كل واحد سينظر إلى الحقل والبستان الذي فيه الزروع والثمار ويركن إلى هذه الدنيا.
فهنا كأنه حث لهم على الدار الآخرة، وتنفير لهم عن الدنيا، ولكن هل يحرم على الإنسان أن يتخذ ضيعة؟ هل يحرم عليه أن يتخذ أرضاً يزرعها؟ لا يحرم ذلك، ولكنه إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم: أن جاهدوا واستعدوا للجهاد والبذل حتى تبلغوا هذا الدين العظيم.
فالإنسان المؤمن وإن جاز له أن يشتري البيت ويقتني المزرعة طالما يؤدي حق الله سبحانه، ولكن يحذر أن تشغله هذه الأشياء عن دينه وآخرته، وعن تبليغ دين الله والجهاد في سبيله سبحانه.