شرح حديث أنس:(ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئاً إلا أعطاه)
من الأحاديث ما رواه مسلم عن أنس رضي الله تبارك وتعالى عنه، قال:(ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئاً إلا أعطاه).
وهذا من أجل أن يتألف الناس على الإسلام، فيأتي الإنسان يقول: إما أن تعطيني وأسلم، وإذا لم تعطني لن أسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعطيه.
وقد علم الناس أن الإنسان الذي يهديه الله عز وجل على يده خير له عند الله من الدنيا وما فيها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك مما طلعت عليه الشمس) فهذا الإنسان لولم يعطه شيئاً وطلب منه أن يسلم إخلاصاً لله عز وجل فإنه قد لا يسلم، ولعله يسلم في يوم من الأيام، ولكن يكون قد خسر أياماً كثيرة كان فيها على الكفر، ولا ندري ما الذي يصنعه في هذه الأيام.
وهذا الإنسان لو تؤلف على الإسلام، ودخل في دين الله عز وجل وصلى رياءً؛ لأنه أخذ مالاً على ذلك، ولكن كلما دخل الإنسان في الدين فإن الإيمان إذا دخل القلب انفسح وانشرح، فينشرح قلبه لهذا الدين، ويصبح إسلامه حباً في الله وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي دين الله.
وهذا الذي حصل مع كل الذين أسلموا، وتألفهم النبي صلى الله عليه وسلم في البداية.
فالرجل الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم غنماً بين جبلين من أجل أن يسلم، وفرح الرجل ودخل في الإسلام، وأخذ الأغنام، وذهب إلى قومه، وأخبرهم بأن يدخلوا في الإسلام، فإن محمداً صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، أي: لا يخاف الفقر.
فالرجل الذي لا يريد من إسلامه إلا الدنيا، فيعطيه النبي صلى الله عليه وسلم، فما يلبث إلا يسيراً حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها.
فينتظم مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، ويسمع منه المواعظ، ويحتك بالمسلمين، فيعرف المحبة في الله سبحانه، وينسى أنه دخل من أجل أن يأخذ المال، ويكون الإسلام بعد ذلك أحب إليه من أي شيء.