فقد قال الإمام النووي رحمه الله:[باب كيفية السلام، يستحب أن يقول المبتدئ بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيأتي بضمير الجمع حتى وإن كان المسلم عليه واحداً، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم].
والسبب في إلقاء السلام ورده بصيغة الجمع: أن هناك عالماً آخر ممن لا تراهم، من الجن والملائكة الكرام، فأنت تلقي السلام بصيغة الجمع فتعم هؤلاء كلهم، أما فائدة الواو في رد السلام عندما تقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فهي: التوكيد، فكأن الرادّ يدعو لنفسه ولك فيقول: علينا وعليكم، فيكون بذلك قد كسب مرتين: فهو دعا لنفسه، ورد على الآخر السلام فقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حديث آخر: رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عشر -يعني عشر حسنات للذي سلم- ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: عشرون - عشرون حسنة في كلمتي السلام والرحمة - ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه - صلى الله عليه وسلم - فجلس فقال: ثلاثون)، إذاً: هذا الذي ألقى السلام كاملاً أصاب ثلاثين حسنة بهذا الذي قال، واقتصر الذي قبله على كلمتين فكان له عشرون حسنة، واقتصر الذي قبله على كلمة السلام فكان له عشر حسنات.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت:(قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل يقرأ عليك السلام - أي: يسلم عليك - قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، وقالت: ترى ما لا نراه) أي: أنك ترى الذي لا أراه وهو جبريل عليه السلام.
وروى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً)، صلوات الله وسلامه عليه، وهذا محمول على ما إذا كان الجمع كثيراً، أو أنه أراد صلى الله عليه وسلم منهم أن يحفظوا ما يقول، فإذا تكلم بكلمة وأراد أن يحفظوها كررها مرة واثنتين وثلاث حتى يحفظوا منه ذلك.
إذاً: إذا أتى شخص على مجموعة من الناس فليقل: السلام عليكم، فإذا لم يسمع البعض كرر سلامه عليهم لكي يسمعوه، يفعل ذلك ثلاثاً كما فعل صلوات الله وسلامه عليه، وليس معناه: أن الإنسان يأتي على اثنين وثلاثة فيسلم ثلاث مرات، ولكن المعنى: أن يكرر إذا ظن أن البعض لم يسمعوه، وذلك حتى يسمع الجميع فيجيبون، ويشترك الجميع في البركة.