الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: فقد ورد أنه يجوز البكاء على الميت إذا كان بدمع العين، ولا يجوز النواح والصراخ وندب الحظ ورفع الصوت في ذلك.
وقد جاءت في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يذكر فيها أن الميت قد يعذب ببعض بكاء أهله عليه.
فالميت إذا توفي وبكي عليه فإن بعض هذا البكاء لا يتأذى به الإنسان المتوفى، وقد يتأذى به إذا كان من باب الصراخ والعويل.
والأذى إما أن يكون عقوبة من الله يعاقب به هذا المتوفى، وإما أن يكون بإيلام نفس هذا الإنسان بما يسمعه من بكاء أهله عليه.
فإذا كان هذا الميت وسط بيئة تفعل ذلك كما كان يفعله أهل الجاهلية، أو كان يعلم من حال أهله أنهم يندبون ويصوتون -أي: يرفعون أصواتهم بالصراخ على الميت- فلم ينههم عن ذلك قبل وفاته فإنه يعاقب على ذلك؛ لأنه لم يأمرهم بالمعروف ولم ينههم عن المنكر في حال حياته.
وأما إن كان هذا المتوفى لا يعلم من حال أهله ذلك فإنه يعذب ببكاء أهله عليه بما يجد من الألم بسبب هذا البكاء.
والميت قد يشعر بأشياء كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فمنها: انصراف أهل الميت عن القبر، وإنه ليسمع قرع نعالهم.
فكما أن ربنا سبحانه وتعالى يسمعه هذا الشيء، فقد يسمعه صراخهم عليه سماعاً يليق بمثل هذه الحالة، فيسمع ويتأذى ببكائهم.
ولذلك فإنه مما ينبغي على المسلم أن لا يؤذي الميت أبداً بصراخ أو بعويل أو بندب، أو نحو ذلك.