للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حق المسلم على المسلم]

عن البراء بن عازب رضي الله عنه -وهو حديث متفق عليه- قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم) هذا لفظ إحدى روايات الإمام البخاري.

في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأمة بسبع خصال من خصال هذا الدين العظيم، فقد أمر صلى الله عليه وسلم: (بعيادة المريض)، ولعيادة المريض آداب كما قدمنا قبل ذلك.

قال: (واتباع الجنائز)، لكي تؤجر على اتباعك الجنائز بقيراطين من الأجر كل قيراط مثل جبل أحد، فإذا اتبعت الجنازة حتى تصلي عليها كان لك قيراط من الأجر، فإذا اتبعتها حتى تدفن الجنازة ويوارى صاحبها في التراب كان لك قيراط آخر، فيصير لك قيراطان من الأجر والثواب، كل قيراط مثل جبل أحد.

قال: (وتشميت العاطس) يعني: إذا عطس المؤمن فحمد الله فقل له: يرحمك الله.

قال: (ونصر الضعيف)، فمن خصال الإسلام: أن تكون مع الضعيف على من استقوى عليه كمن ظلم وأخذ منه حقه ولم يعطه حقه.

قال: (وإفشاء السلام) هذا هو الشاهد من الحديث، فإنه لا يكفي أن تلقي السلام فحسب، بل لا بد أن تفشيه، والإفشاء أكثر وأبلغ من إلقاء السلام فقط، فالإلقاء قد يكون مرة أو مرتين ثم تتركه، لكن إفشاء السلام يدل على الكثرة حتى يصير سمة من سمات المسلمين، ويكون علامة على أن هذا المجتمع مجتمع إسلامي، وليحصل الأجر الكثير بذلك، ثم تكون من وراء ذلك البركة العظيمة من الله عز وجل، تدخل على إنسان فتقول: السلام عليكم، فيحصل الثواب بهذه الكلمة، ثم إذا سلمت على إنسان بيدك تساقطت الخطايا من بين يدك ويده, وتحصل البركة بعد ذلك في الشيء الذي تريده منه، ويأمنك بتسليمك عليه، لكن لو جئت إلى إنسان فبدأت حديثك معه دون سلام لما حصلت البركة، بل ربما لا يرد عليك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من بدأكم بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه)، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم المؤمنين الأدب فقبل أن تبدأ وتطلب من إنسان شيئاً عليك أن تسلم عليه، وأن تدعو له وتحييه بهذه التحية المباركة الطيبة، لتحصل من وراء ذلك على البركة في كلامك وكلامه، ومعاملتك له ومعاملته لك.

قال: (وإفشاء السلام، وإبرار المقسم) فإذا أقسم عليك أي مؤمن بشيء فبر قسمه، طالما أنك تستطيع أن تفعل ما أقسم به عليك.