[أثر السلام في التحاب في الله]
وعن أبي هريرة أيضاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده! لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا).
إذا كنت تريد الجنة فلا بد من الإيمان، هذا الإيمان هو الذي يجعل عملك وطاعتك متقبلة، إذ الإيمان ركن قبول الطاعة، {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء:٤٨]، المشرك لا يقبل الله عز وجل له عملاً، الكافر، وقال عن الكفار: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:٢٣].
أما المؤمنون فيقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم: لن تؤمنوا الإيمان الحقيقي الكامل حتى تحابوا، (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا).
إذاً: الإيمان في قلب المؤمن لا يكتمل إلا بمحبة المؤمنين، والحب من شروط كلمة التوحيد، أي: أن تحب هذه الكلمة، وأهل هذه الكلمة، أن تحب المسلمين، والمسلمون فيهم المطيعون وفيهم العصاة، لكنك تحب جميع المسلمين لكونهم مسلمين، وتحب منهم أهل الطاعة لكونهم أهل طاعة، وتبغض منهم المعاصي التي يفعلونها.
فهنا يوم القيامة المؤمنون المتحابون في الله يدخلهم الله عز وجل جنته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟) وقد دلنا على شيء سهل جداً قال: (أفشوا السلام بينكم).
المسلم يمر على المسلم فيسلم عليه، يفرق بينهما طريق ثم يلتقيان فيسلم عليه، تفرق بينهما شجرة فيلتقيان بعدها يسلم عليه، وأعداء دين الله عز وجل قلبوا هذا الحديث، وقالوا كثرة السلام تقلل المعرفة، يقولون ذلك كذباً وزوراً وقلباً لحقائق الإسلام، بل كثرة السلام تزيد المحبة في القلوب.
وكان الصحابة يسلم بعضهم على بعض، فيسأل بعضهم بعضاً عن حاله، فيقول: الحمد لله، قال: لهذا أسألك، يعني: أسألك لتقول هذه الكلمة فتؤجر وأوجر أنا أيضاً على ذلك.
الشيء الذي يزيد المحبة بين القلوب أن تسلم على أخيك، وأنت تفهم معنى هذه الكلمة العظيمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ألست تقابل أخاك فتقول له: السلام عليك، يعني: أدعو لك بالحياة السالمة من المعاصي والآثام، أدعو لك بالسلامة في صحتك وحالك ودينك وأقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، يعني: أن يرحمك الله في الدنيا والآخرة، وأن يبارك لك في صحتك ومالك وإيمانك، وأن يزيدك من الخير في الدنيا والآخرة.
ثلاث كلمات فيهن فضيلة عظيمة، أنت تقول لأخيك عندما يأتيك: لا تنسنا يا أخي من دعائك، وهذه الكلمة فيها هذا الدعاء، وأنت تسلم عليه حين تلقاه تدعو له بذلك، وحين تفارقه تدعو له بذلك، فهو دعاء فضلاً عن عشر حسنات في كل كلمة، وتمد يدك فتسلم على المسلم فتتساقط الذنوب من أيديكما.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
لو عرفت أن أخاك يدعو لك كثيراً فافرح بهذا الشيء، فإذا سلم عليك وبدأك بهذه التحية العظيمة فهو يدعو لك، لذا النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بها وقال: (أفشوا السلام بينكم).
بل وحذر من عدم إلقاء السلام، وقال: (من بدأكم بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه) أي: من أتى إنساناً وطلب منه أموراً بدون سلام فهذا يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم الأدب، أنك لا تستحق أن يرد عليك؛ لأنك ما دخلت البيت من بابه، (من بدأكم بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه) حتى يتعلم من مر بالمسلمين أن يسلم عليهم، وإذا طلب طلباً قدم بين يديه التسليم.