وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه في ثلاثة أحوال يجوز للإنسان أن يعرض أو يكذب في الكلام وأخبر أن هذا ليس من الكذب: الصورة الأولى: في الحرب: فلو أن الكفار جاءوا يسألون عن مسلمين موجودين في هذا المكان من أجل قتلهم، فأنت تقول لهم: لا، بل تقسم أنه لا يوجد أحد من المسلمين، فهذا الكذب خير من أن يخبر الكفار عن مكان المسلمين فيقتلوهم، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه في حال القتال والحرب يرخص له مثل هذا التعريض أو الكذب.
والصورة الثانية: في الإصلاح بين الناس: والصورة الثالثة: في كلام الرجل مع امرأته: يعني: المرأة تحب من زوجها أن يمدحها ويلاطفها، فإذا قال لها: أنت أجمل النساء، وهي ليست كذلك، فهذا جائز له.
فهي لا تقول له: لا، أنت تكذب علي، وليس من اللائق أن يقول هو: أنا أكذب عليك فأنت لست أجمل النساء، فالكلمة الطيبة مع الزوجة مطلوبة.
لكن حين يسأل الرجل زوجته عما فعلت في الماضي، ويسألها أسئلة سخيفة عما ارتكبته من آثام في الماضي، فإنه لا يجوز لها شرعاً أن تصدق معه، ولا يلزمها ذلك أصلاً، تقول له: والله مشيت مع فلان، أو عملت كذا، عملت كذا؛ لأنه من تاب تاب الله عز وجل عليه، ولا يحل أن تصنع مثل هذا مع زوجتك.
فهنا الغرض: المرأة في كلامها مع زوجها، والزوج في كلامه مع زوجته، لا ينبغي أن يكون فيه شيء من الكلام عن الماضي؛ لأن الماضي انتهى، وأنت الآن متزوج فلا دخل لك في ما كان قبل ذلك، والحياة بين الرجل والمرأة فيها الألفة والعشرة بالمعروف وإن كان الأمر فيه شيء من التعريض، حتى تمشي الحياة الزوجية من غير أن يكون فيها مشاكل أو يكون بينهما نوع من الخصومات.