[الأمر بتسوية الصفوف في الصلاة]
هذا أيضاً أبو مسعود البدري يروي هذا الحديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة)، يمر عليهم يسويهم صلوات الله وسلامه عليه بحيث إن الكل يستوي مع بعض في الصلاة.
وقد وفضلنا على الناس بثلاث كما جاء في صحيح مسلم، ومن هذه الثلاث أن جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، فإن الملائكة يستوون عند ربهم ويتراصون في الصفوف فتشبهنا بهم في صلاتنا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لنا: (فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لنا المغانم).
الغرض: أن من ضمن الأشياء التي نتعلمها من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح مناكب أصحابه فيسويهم في الصلاة، ويقول صلى الله عليه وسلم: استووا ولا تختلفوا.
كأن استواءك في الصلاة مع صاحبك مدعاة لألفة القلوب والمحبة بينك وبين صاحبك، وإذا اختلفت صفوفكم اختلفت قلوبكم، عندما يبرز إنسان ويتقدم على غيره، كأنه رأى في نفسه شرفاً على غيره، وهذا مغرور، وكم من المغرورين في الصلوات -والحمد لله في مسجدنا لا نرى ذلك بفضل الله وبرحمته سبحانه وتعالى- أو ترى آخر فاتحاً ما بين رجليه بحيث إن الشيطان يمر بينه وبين صاحبه، وإذا أمرته بالمعروف أو نهيته عن المنكر رفع صوته عليك.
فالحمد لله نحن في نعم عظيمة بهذه الصلاة، لذلك ينبغي علينا أن نحافظ عليها، وينبغي علينا أن نتواضع كباراً وصغاراً، أحياناً بعض كبار السن عندما ينصح تثور ثائرته ولا يهدأ، لا.
تعلموا أدب النبي صلى الله عليه وسلم، نوقر الكبير، لكن الكبير أيضاً يحترم القرآن ويحترم السنة ويحترم بيت الله سبحانه وتعالى.
بعض الناس يضع كرسياً في مكان ما ويقول: أنا لا أصلي إلا هنا! فنقول: المسجد مسجد الله سبحانه وتعالى، صل مثل غيرك من الناس في أي مكان، ولا تظن لنفسك فضلاً على الناس، احذر الغرور وأن تتطاول على المسلمين بأنك صاحب سن، أو صاحب لحية بيضاء، أو أنك أقدم منهم، بل تواضع لله عز وجل صغيراً كنت أو كبيراً، ومن تواضع لله رفعه الله سبحانه وتعالى.
هنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر على المسلمين في الصلاة ويعدل الصفوف، واليوم توجد خطوط تنظر إليها ومن السهل أن تعدل الصف، لكن بعض الناس لا يعجبه الخط فيرجع إلى الخط الأخير ليوسع لنفسه في الصلاة ويضيق على غيره.
أحياناً في صلاة الجنازة تجد الصف الأول مكتملاً، والصف الثاني غير مكتمل، والثالث والرابع مكتملين، وصفوفاً أخرى فارغة، والناس خارج المسجد مزدحمة وما هو إلا هؤلاء زحموا المكان إلى باب المسجد.
وأعظم خطوة تخطوها لتسد فرجة، وقبل أن تصف في مكان انظر هل الصف الأول قد اكتمل أو لا؟ الصف الثاني اكتمل أو لا؟ وهكذا تسد الفرج فتكون متشبهاً بالملائكة في أنهم يكملون الصف الأول فالذي يليه.
قال: (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم).
إذا اختلفتم في الصلاة اختلفت القلوب، وإذا اختلفت القلوب صار المسلمون متنافرين، فلابد أن نتعلم إذا كنا في الصلاة كيف نستوي فيها.