عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة رضي الله عنها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)، فقد جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه أن يبشر خديجة لأجل ما صنعت في الإسلام رضي الله تبارك وتعالى عنها وأرضاها، فقد فعلت مع النبي صلى الله عليه وسلم الأفعال العظيمة الجليلة الكريمة التي تليق بها رضي الله تبارك وتعالى عنها.
فقد كانت له زوجاً، وكانت له صلوات الله وسلامه عليه كالأم في برها وحنانها وإنفاقها عليه وإكرامها له صلى الله عليه وسلم، وكان يستشيرها فتشير عليه بأفضل الآراء رضي الله تبارك وتعالى عنها.
فهنا جاء جبريل يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
وهذا البيت هو قصر في الجنة من قصب، وليس المراد القصب الذي في الدنيا، بل القصب هو اللؤلؤ، أي: قصر من لؤلؤ في الجنة، لا صخب فيه ولا نصب؛ إذ الإنسان في الدنيا يزعجه الصخب والنصب، فقد تكون جالساً في بيتك فتسمع أحداً يطرق الباب فتنزعج ولا تستطيع النوم، وقد تسمع صخباً وصراخاً وأصواتاً فلا تستطيع أن تنام ولا أن تستريح، أما الجنة فإنها راحة على الدوام، ولا تحتاج فيها إلى النوم أصلاً، فليس في الجنة نوم، بل فيها الراحة والنعيم المقيم.
فبشرها جبريل عليه السلام ببيت من لؤلؤ في الجنة لا صخب فيه، أي: لا أحد يصرخ ويؤذيها فيه، ولا نصب، وكأنها عانت الكثير من كفار قريش، فالسيدة خديجة لم تهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، بل ماتت في مكة في سنوات الإيذاء، واشتد أذى الكفار على النبي صلى الله عليه وسلم بعد موتها وموت أبي طالب؛ فالاثنان ماتا في عام واحد، ولذلك سمي ذلك العام عام الحزن.
فـ خديجة رضي الله عنها وأرضاها سمعت كثيراً مما صنعه الكفار بالنبي صلى الله عليه وسلم من إيذاء ومن تكذيب، وسمعت صراخهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأقوالهم الكاذبة عليه، فربنا تبارك وتعالى بشرها بأنها ستستريح من هذا كله، حيث ستدخل الجنة في قصر من لؤلؤ لا صخب فيه، أي: لا أذى من أصوات الناس، ولا نصب، أي: لا تعب في الجنة.