[شرح حديث: (يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنفه عليه)]
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنفه عليه).
الإنسان المؤمن قد يقع في الذنوب في الدنيا، وليس بمعصومٍ إلا من عصم الله من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).
فالمؤمن يدنيه الله عز وجل يوم القيامة منه، ويضع عليه كنفه أي: ستره، فيستره الله سبحانه تبارك وتعالى، فلا يسمعون ما الذي يقال لهذا الإنسان، فيسأله ربه: عملت كذا يوم كذا؟ ويقول هنا في الحديث: (فيقرره بذنوبه، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: رب أعرف) فربنا يسأله عن ذنوبه، (قال الله عز وجل: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى صحيفة حسناته).
ستره الله ولم يفضحه في الدنيا، ويوم القيامة سأله بينه وبينه ولم يفضحه سبحانه تبارك وتعالى أمام الخلق، ويقول: (سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) متفق عليه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: (أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره).
وفي رواية أخرى عن أنس: (أن الرجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أصبت حداً) ظن أنه وقع في حد من الحدود الحقيقية، والله أعلم بالأمر، لكنه ذهب تائباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والراجح: أن الذنب الذي فعله لم يكن من الكبائر ولم يكن فيه إقامة حد عليه.
الغرض: أنه لما ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (هل حضرت معنا الصلاة؟ قال: نعم)، يعني: أن الرجل جاء تائباً، وجاء يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم عليه الحد بزعمه وظنه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يفضحه: ما الحد الذي وقعت فيه؟ ولكن قال له: (هل حضرت معنا الصلاة؟ فقال: نعم، قال: قد غفر لك).
وفي الرواية الأولى لـ ابن مسعود قال: (فأنزل الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:١١٤]).
فتفضل الله تبارك وتعالى على العبد المذنب الذي تاب إليه، وذهب للنبي صلى الله عليه وسلم يعترف بذنبه، بأن غفر له بصلاته لله، وقال الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:١١٤].
(فرح الرجل بذلك فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألي هذا يا رسول الله؟! فقال: لجميع أمتي كلهم) متفق عليه.
وقد جاء أن العبد إذا أذنب ذنباً فتوضأ وصلى لله أن الله يكفر عنه هذا الذنب بصلاته هذه.