[معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:(انظروا إلى من هو أسفل)]
عن أبي هريرة في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم)، وهذا لفظ مسلم.
وفي صحيح البخاري (إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه).
في الحديث أمر للمسلم أن ينظر لمن هو دونه، إذ النظر إلى الأعلى يتعب الإنسان، فلو كنت تمشي في طريق وأنت تنظر إلى الأعلى غير آبه بالطريق، قد تصطدم بغيرك أو تقع في حفرة، وعلى ذلك قس، فإنك حين تنظر إلى من هو فوقك من الخلق قد تقول في نفسك: عنده مال أكثر مني، بل إذا قيس ما عنده بما عندي لم يساو الذي عندي شيئاً بالنسبة إلى ما عنده.
وتظل تقارن ما عندك إلى ما عند هذا الإنسان حتى تحتقر ما عندك، وبذلك تحتقر نعمة الله عز وجل عليك.
ولو نظرت إلى من هو دونك لوجدت نفسك تمتلك مالاً وإن كان قليلاً، أما غيرك فليس عنده شيء، وحينها تدرك أنك في نعمة من الله تبارك وتعالى.
ولذا ينبغي أن ينظر المرء إلى من هو دونه، فإذا كان في صحة فلينظر إلى المرضى وقد حرمهم الله عز وجل هذه النعمة، ولكن ينبغي أن يدرك أن الله ما حرمهم من تلك النعمة إلا لحكمة منه سبحانه وتعالى، فإنه يرفع درجات الخلق بابتلائهم ويمحص ذنوبهم، فإذا تذكر المرء ذلك ثم نظر إليهم فليقل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:(الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من خلقه وفضلنا على كثير ممن خلق من عباده تفضيلاً)، وبذلك يحمد الله تبارك وتعالى على ما وهبه من نعمة في جسمه، وفي عقله وفي صحته وعافيته.
أما حين ينظر لإنسان آخر فيه شباب وقوة وحيوية يجري في السباق أو يلعب كمال أجسام، فقد يقول: لماذا لسنا مثل هؤلاء؟ أو نحن ماذا بجانب هؤلاء؟ وبذلك يحتقر نعمة الله عز وجل عليه.
وكذلك إذا مرضت بمرض خفيف من الأمراض التي عادة ما يصاب بها الإنسان فلا تتبرم أو تضجر بل ينبغي أن تنظر إلى مريض السرطان أو غيره من الأمراض الفتاكة، فستجد أنه من شدة مرضه قد يعجز حتى عن الأكل والشرب، فضلاً عن أن يحرم النوم من شدة الألم، حينها ستدرك عظيم رحمة الله بك، وقد يكون هذا المرض سبباً في رفع درجتك عند الله أو تكفير سيئاتك.