للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من تحل لهم المسألة]

عن أبي بشر قبيصة بن المخارق رضي الله عنه قال: (تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها).

كأن قبيصة أصلح بين ناس، وكان من ضمن الإصلاح أموال تحملها وأداها من أجل أن يصلح بين الناس، فذهب إلى أهل الفضل ليساعدوه فيما تحمل، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا قبيصة إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة)، فعمله النبي صلى الله عليه وسلم أن الحالة الذي هو فيها من الحالات التي تحل فيها المسألة، فمن هذه الحالات: (رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك).

كأن يصلح بين الناس فصار هو الغارم بعدما كانوا هم الغارمين، فجاز له أن يسأل أهل الفضل أن يعينوه في ذلك؛ وبعد أن يأخذ منهم ما يسد غرامته لا يجوز له أن يسأل.

قال: (ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً من عيش).

وهذا هو الثاني، وهو من أصابته جائحة بعد أن كان غنياً واجتاحت ماله مصيبة، فأصبح لا شيء عنده، فاحتاج إلى من يعينه، فسأل الناس أن يعينوه فأعانوه إلى أن صلح حاله، فلا يسأل بعد ذلك.

قال: (ورجل أصابته فاقة -أي: فقر- حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة).

وهذا الثالث، وهو من أصابته فاقة، وكأنه كان غنياً؛ لأن الفقير لا يحتاج أن يشهد له أحد، فهو معروف أنه فقير، ولكن هذا كان غنياً وبين يوم وليلة افتقر وسأل الناس، فشك الناس فيه، فأتى بثلاثة من ذوي الحجا يقولون: لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً من عيش.

قال: (فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتاً)، فسؤال الناس أموالهم تكثراً من السحت الذي يأكله الإنسان سحتاً.