[شرح حديث: (أنا وكافل اليتيم في الجنة)]
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما)، رواه البخاري.
يكفل اليتيم: يقوم بأمر اليتيم، وينفق عليه، ويربيه وفي رواية قال: (أنا وكافل اليتيم له أو لغيره).
واليتيم: الإنسان الذي مات أبوه، ويتجوز فيها أحياناً، فيطلق على من مات أحد أبويه، ولذلك يدخل الفقهاء فيها الرجل الذي ينفق على عياله ويقوم بأمرهم إذا أمهم ماتت، والفقهاء يقولون: إن الإنسان الذي يموت أبوه فيقوم جده أو عمه أو أخوه الكبير بالنفقة عليه والإحسان والتربية، أو يكون أبو المولود قد مات، فتقوم أمه مقامه بأن تنفق على عيالها ورفضت أن تتزوج، فإن لها فضلاً كبيراً عند الله سبحانه وتعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين) بأن يكون جاره يتيماً، أبوه مات وليس هناك أحد يرعاه، فيقوم برعايته وتأديبه وتربيته والإنفاق عليه والإحسان إليه، فهو داخل تحت هذا الحديث الذي رواه البزار من حديث أبي هريرة: (من كفل يتيماً ذا قرابة أو لا قرابة له).
إذاً: كافل اليتيم قد يكون قريباً أو غريباً، وقد يكون رجلاً أو امرأة، وقد تكون المرأة أم هذا الإنسان اليتيم، وقد يكون الرجل أباً لهذا الذي توفيت أمه، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين).
ومعنى (كهاتين): أنه قريب من النبي صلى الله عليه وسلم في دخول الجنة سريعاً.
أيضاً قريب في علو المنزلة، والنبي صلى الله عليه وسلم في أعلى المنازل، يليه كافل اليتيم رجلاً كان أو امرأة، ويوضحه ما جاء في مسند أبي يعلى من حديث أبي هريرة يقول صلى الله عليه وسلم: (أنا أول من يفتح له باب الجنة إلا أنه تأتي امرأة تبادرني فأقول لها: مالك وما أنت؟ فتقول: أنا امرأة تأيمت على أيتام لي).
والأيم: التي لا زوج لها، يعني: صارت أرملة، مات زوجها وهي حفظت نفسها لعيالها، ورفضت أن تتزوج وقامت بأمر عيالها حتى كبروا واستغنوا عنها، فهي ممن يدخل الجنة سريعاً مع النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وفي حديث آخر عند أبي داود من حديث عوف بن مالك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا وامرأة سفعاء الخدين، كهاتين يوم القيامة)، والسفع في الخد بمعنى: سواد في الخد، وكأنه الناشئ عن تعب ومشقة وعدم اهتمام بالنفس.
والمرأة قد تكون جميلة أو نسيبة وشريفة؛ ولكن بسبب هموم تربية العيال وموت الزوج والاحتياج تكدح وتتعب حتى ينتفخ خداها، فقوله صلى الله عليه وسلم: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة)، يعني: كأصبع السبابة والإبهام يوم القيامة.
وسفعاء الخدين هذه قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (امرأة ذات منصب وجمال)، يعني: ليست سفعاء الخدين، بل هي ذات منصب وجمال، قال: (حبست نفسها على يتاماها حتى ماتوا أو بانوا)، يعني: توفي زوجها، ورفضت أن تتزوج وقامت بأمر هؤلاء الأيتام حتى ماتوا أو كبروا وانصرفوا وتزوج كل واحد منهم واستغنوا عن أمهم بعد ذلك، فيخبر صلى الله عليه وسلم أن هذه المرأة بصبرها على تربية هؤلاء اليتامى تكون يوم القيامة قريبة من منزلته صلوات الله وسلامه عليه.