(فقال الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل خريم الأسدي) وخريم هذا صحابي فاضل ويكفي في فضله أن يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (نعم الرجل) إلا أنه قال: (نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته وإسبال إزاره).
فلولا طول شعره -وهو جمته- وإسبال إزاره إلى تحت الكعبين لكان من أفضل الرجال.
قال:(فبلغ خريماً) وكان الصحابة يحبون الخير، فبسرعة قالوا لـ خريم: إن النبي صلى الله عليه وسلم مدحك، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ينصحك بكذا، فبمجرد أن سمع الرجل ذلك:(أخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه).
فلم يقل سأذهب إلى الحلاق، بل أخذ ينفذ وصية النبي صلى الله عليه وسلم حالاً بيده، قال:(ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه).
وهذا هو التنفيذ لأمر الله عز وجل وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}[الحديد:٢١].
فالمؤمن يسارع بالتنفيذ، فهذا الرجل الفاضل لم ينتظر الذهاب إلى لحلاق، ولم يبحث عن مقص يقص به شعره، بل أخذ السكين وقطع بها شعره حتى يرضي الله سبحانه تبارك وتعالى بطاعة نبيه عليه الصلاة والسلام.