روى أبو داود والترمذي وحسنه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه:(كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي به المجلس)، جلس حيث ينتهي به المجلس، وآخر المجلس في المكان الأخير حيث ينتهي بآخر إنسان.
أما أن يخترق الصفوف، ويتخطى الرقاب، ويضايق الناس لأجل أن يأتي قدام ويجلس؛ فهذا ليس من أدب المجالس، إنما يجلس حيث ينتهي به المجلس، وإذا وجد فرجة في مكان جلس فيها من غير أن يؤذي أحداً.
وكون الإنسان يؤذي أحداً في المجلس فهذا أذية، والنبي صلى الله عليه وسلم مر على المنبر ووجد إنساناً يخترق الصفوف يتخطى الرقاب، فقطع خطبته صلى الله عليه وسلم وقال لهذا الرجل:(اجلس فقد آذيت وآنيت).
الخطبة عظيمة جداً، والناس منشغلون بالخطبة، ولكن عندما يدخل شخص يتخطى الرقاب فيؤذي كل الناس استحق أن يقطع النبي صلى الله عليه وسلم خطبته ويزجر الذي آذى الناس، فقال:(اجلس) أي: اقعد مكانك (فقد آذيت)، آذيت الناس بتخطيك الرقاب، (وآنيت) أي: تأخرت.
فهذا تأديب من النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الإنسان أمام الناس، يؤدبه حتى لا يفعل غيره مثل فعله، فاستحق هذا أن يؤدب ويقال له: اجلس مكانك ولا تتخط رءوس الناس ولا تؤذيهم.
فقال لنا جابر بن سمرة:(كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي به المجلس)، فهم تأدبوا بأدب النبي صلى الله عليه وسلم، وتعلموا أن الواحد إذا جاء إلى المجلس يجلس حيث ينتهي في آخر المجلس.