كان الصحابة أحرص ما يكونون على أوقاتهم، حتى إنهم ليحتسبوا لعبهم في النهار لأجل التمرن على الجهاد، فكانوا يجرون بين الأغراض، والجري هو: العدو بين الأغراض، فإذا جاء الليل كانوا رهباناً، فلم يضيعوا صلاة النافلة مع أنها نافلة؛ لأنه ثمين لن يعوض أبداً.
فلذلك احرصوا على عدم تضييع أوقاتكم، فعمرك الذي يضيع لن يرجع إليك مرة ثانية، فالله يتوفى الأنفس ويقبضها وافية، فكأن عمرك دين يتقاضاه الله عز وجل شيئاً فشيئاً، فلا تضيع عمرك فيما لا ينفع.
فهذا الصحابي (كان متوحداً قلما يجالس الناس، إنما هو صلاة) يعني: شغلته الصلاة.
(فإذا فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله) يعني: حتى وهو في الشارع يقول: سبحان الله، والحمد لله؛ لأنه يعلم أنها غراس الجنة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويقول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، ويقرأ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:١] عشر مرات فيبني له بيت في الجنة، فشغله الشاغل في تحصيل هذه المعاني والدرجات.