[أجر الصدقة على الزوج وذوي القرابة]
ومن الأحاديث حديث للسيدة زينب الثقفية زوج عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن).
فالمرأة إذا لم يكن لها فلوس يقال لها: تصدقي ولو من الحلي الذي تملكينه.
وزينب الثقفية زوج ابن مسعود رضي الله عنهما كانت غنية، وزوجها عبد الله بن مسعود الصحابي الفقيه الفاضل كان فقيراً، كان خفيف ذات اليد، أي: فقيراً ليس عنده مال، فالمرأة رجعت إليه وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقالت: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة، فاسأله هل ينفع أن أعطيك الصدقة وأنت زوجي أم لا ينفع ذلك؟ فقال: بل ائتيه أنت.
أي: أنت التي تريدين أن تتصدقي، فاذهبي أنت، فانطلقت، قالت: فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها.
أي: تريد أن تسأل نفس السؤال.
قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة.
حيث إن المرأة خجلت من أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم لهيبته صلى الله عليه وسلم، قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ كأن المرأة كانت تربي أيتاماً لها أو لغيرها، وأيضاً تريد أن تنفق على زوجها، فهل يمكن أن تعطي الصدقة لزوجها الفقير وتعطي الصدقة لأيتام تربيهم في حجرها، وهم عيال غيرها، وقالتا له: لا تخبره من نحن.
وكأن ذلك كان خوفاً على العمل من الرياء، وأيضاً هيبة من النبي صلى الله عليه وسلم.
فدخل فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: (من المرأتان؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزيانب؟ فقال: امرأة عبد الله) فاستفسر النبي صلى الله عليه وسلم ليعرف من هؤلاء من أصحابه الذين هم من أهل البر والإحسان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم له مهابة فاستحيتا أن تسألاه وكذلك خشيتا أن تفضحا زوجيهما.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والذي هو بالمؤمنين رءوف رحيم، قال: (لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة).
وعليه فإنه يجوز للمرأة إن كانت غنية أن تعطي زوجها من صدقة مالها، بل أيضاً يجوز لها أن تعطي زوجها من زكاة مالها إن كان فقيراً، فإذا كانت المرأة غنية - بأن ورثت عن أبيها مالاً - وزوجها فقير جاز لها أن تعطيه من زكاة مالها.