الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام النووي رحمه الله: [باب الشفاعة.
قال الله تعالى:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}[النساء:٨٥].
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه، فقال:(اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب)، متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما:(في قصة بريرة وزوجها، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لو راجعته قالت: يا رسول الله؛ تأمرني؟ قال: إنما أشفع، قالت: لا حاجة لي فيه)، رواه البخاري].
هذا باب من أبواب كتاب رياض الصالحين، للإمام النووي رحمه الله، وفيه قول الله عز وجل:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}[النساء:٨٥].
الشفاعة: مأخوذة من الشفع، والشفع ضد الوتر.
والمعنى: أنه يكون واحد منفرداً فيأتي الآخر معه فيشفع، ويعينه على قضاء الحاجة التي يريدها، وإنجاز المصلحة التي هو فيها، وبهذا المعنى جاءت أقوال المفسرين عند قوله تعالى:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}[النساء:٨٥]، فقالوا: من يزيد عملاً إلى عمل فيحسن، فالله عز وجل يعطيه إحساناً.
ومنها أن يعين أخاه بكلمة عند غيره في قضاء حاجته، كأن يذهب به إلى القاضي، أو يذهب به إلى من بيده المصلحة لهذا الإنسان، فيعينه على قضاء الحاجة التي هو فيها.
ومن معاني الشفيع: المعين في الجهاد في سبيل الله عز وجل، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك يذكر الإمام الطبري من معاني الآية: من يكن يا محمد شفيعاً لوتر أصحابك في الجهاد للعدو يكن له نصيب في الآخرة من الأجر، ومن يشفع وتراً من الكفار في جهاده، يكن له كفل في الآخرة من الإثم.