[شرح حديث:(إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها)]
كذلك من الأحاديث: حديث لـ أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطاً وسلفاً بين يديها، وإذا أراد هلاك أمة عذبها ونبيها حي، فأهلكها وهو حي ينظر، فأقر عينه بهلاكها حين كذبوه وعصوا أمره).
والصحابة عندما يسمعون ذلك ينظرون: يا ترى هل يموت النبي صلى الله عليه وسلم أولاً أم أصحابه؟! فهنا النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يخبرهم عن رحمة رب العالمين بهذه الأمة، وهو رحمة مهداة إلى هذه الأمة صلوات الله وسلامه عليه، فالله عز وجل قال:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:١٠٧](وما - إلا) أسلوب حصر، فهو رحمة لهذه الأمة صلوات الله وسلامه عليه، وقد وعد الله هذه الأمة ألا يعذبهم وهو فيهم صلى الله عليه وسلم، وزادهم من فضله وكرمه، فقال تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الأنفال:٣٣].
قوله:(وأنت فيهم) أي: وأنت رحمة للأمة، فإذا قبض الله النبي صلى الله عليه وسلم فالرحمة باقية منه سبحانه، بأن يستغفر المؤمنون رب العالمين فيغفر لهم ولا يعذبهم، أي: عذاباً عاماً يستأصل الجميع، ولكن لا يمنع أن يكون على بعض الأقوام شيء من غضب الله عز وجل فيأخذهم ببعض ذنوبهم في الدنيا، ولكن العذاب العام الذي يستأصل الأمة لا يكون؛ لأن الله وعد هذه الأمة أنه لا يهلكهم ونبيهم فيهم عليه الصلاة والسلام، ولا يهلكهم وهم يستغفرون.
وذكر الإمام النووي رحمه الله في فضل الرجاء آية وهي قول الله عز وجل عن العبد الصالح:{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ}[غافر:٤٤ - ٤٥] وهذا مؤمن من آل فرعون يدعو قومه للإيمان بالنبي موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فهم يكذبون موسى عليه الصلاة والسلام وهذا يقول لهم: إن هذا رجل جاءكم بالبينات من رب العالمين.
وقال لهم:{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ}[غافر:٤١] فقال عنه سبحانه أنه قال: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}[غافر:٤٤].
فإذا توكل الإنسان على الله وفوض أمره إلى الله فإن الله يقيه من كل سوء ومكروه، قال تعالى:{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}[غافر:٤٥] لما توكل على الله وفوض الأمر إليه إذا بالله سبحانه تبارك وتعالى يقيه مكرهم.