[المتكبرون أهل النار والضعفاء أهل الجنة]
عن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر) هذا من أهل النار، أما أهل الجنة فهم الضعفاء والمساكين.
هذا الإنسان العتل الجواظ المستكبر ألفاظه تناسب شكله، من أجل صعوبة ما هو فيه من جحود، ونكران للنعمة، واستكبار على الخلق، فهو إنسان غليظ بطبيعته، صعب أن تتعامل معه أو تكلمه كلمة.
المؤمن إلف مألوف، المؤمن طيب، المؤمن تأخذ منه لساناً حلواً، تعتاد عليه، ويعتاد عليك، المؤمن يحفظ نفسه ويحفظ لسانه، ولكنه قريب من الناس، سهل أن يتكلم مع الناس وتكلمه، ليس عنده تعالٍ على أحد، يعلم أن أصله من طين فهو متواضع.
أما هذا فهو عتل غليظ جافٍ جواظ جموع منوع، له عشيرة وله أهل، وعنده رجال، عنده من يدفع عنه.
وأيضاً (جموع منوع) يطلق على الإنسان المنتفخ البطن من كثرة الأكل وكثرة حرصه على الدنيا، فهذا الإنسان أيضاً من صفاته أنه جواظ يختال في مشيته، كأن غناه ظاهر على جسمه وحجمه، فهو منوع عنده عتاد ورجال، ويختال بذلك على الناس، فهذا الجواظ المستكبر قال عنه: (ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر).
عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم، فقضى الله بينهما، قال للجنة: إنك رحمتي أرحم بك من أشاء) من صفات رب العالمين: الرحمة العظيمة فهو الرحيم الحنان سبحانه، فهذه الجنة دار كرامته، يكرم بها من يشاء.
كما أن من صفات الله عز وجل أنه القوي العزيز: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج:١٢] فهذه النار انتقام الله وعذاب الله عز وجل، وهنا صفة أخرى من صفات رب العالمين سبحانه وتعالى.
(وقال للنار: إنك عذابي أعذب بك من أشاء ولكليكما عليَّ ملؤها).
وعد من الله أن يملأ هذه وهذه، والنار كلما ألقي فيها فوج تقول: هل من مزيد؟ ثم يلقى فيها فوج يعذبون فتقول: هل من مزيد؟ ولا تكتفي، فالله عز وجل يضع فيها قدمه فتقول: قط، قط.
ووعد الجنة أن يملأها سبحانه وتعالى، فدخل فيها الخلق المؤمنون ولم يملئوها، ولا تمتلئ الجنة حتى يخلق الله لها خلقاً جديداً، لأنها كبيرة واسعة جداً، مهما أعطى للناس في هذه الجنة فهي واسعة تسع أكثر وأكثر من ذلك، حتى إن آخر أهل الجنة دخولاً الجنة رجل يعطيه الله عز وجل مثل ملك من ملوك الدنيا، وعشرة أضعاف ملكه، هذا أقل أهل الجنة منزلة فكيف بأعلاها منزلة؟ ومع ذلك لا تمتلئ الجنة حتى يخلق الله لها خلقاً آخر يسكنون هذه الجنة.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهلها.