ذكرنا فيما سبق فضل الحب في الله سبحانه تبارك وتعالى، والحب في الله جاء فيه في القرآن قول الله سبحانه:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح:٢٩].
فالمؤمنون يحب بعضهم بعضاً، ويرحم بعضهم بعضاً، ويحترم بعضهم بعضاً طاعة لله تبارك وتعالى وحباً في الله، وحباً في رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فذكر سبحانه المؤمنين الذين تبوءوا الدار والإيمان من أهل المدينة، أهل التقوى وطاعة الله سبحانه، فقد نزلوا بالمدينة، ونزلوا من الإيمان بموضع عظيم.
{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}[الحشر:٩]، هؤلاء الأنصار رضوان الله تبارك عليهم، نزل عليهم المهاجرون ضيوفاً من مكة وغيرها ليس لهم مال ولا مهنة يمتهنونها في المدينة، فإذا بأهل المدينة يؤثرونهم على أنفسهم، ويحبونهم في الله سبحانه تبارك وتعالى حباً دائماً ليس ليوم أو لليلة، فإذا بأحدهم يقاسم أخاه المهاجر بيته، وماله، وطعامه، وما عنده، يبتغي بذلك الفضل والأجر من الله سبحانه تبارك وتعالى.
فمدحهم الله وأخبر عن حالهم فقال:{فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر:٩] أفلحوا وقد صدقوا الله وصدقوا رسوله صلوات الله وسلامه عليه، فكانوا أحب الناس إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه، وقال لهم:(لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار).
تمنى أن يكون أنصارياً لحبه لهؤلاء الأنصار، وما صنعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه المهاجرين رضوان الله تبارك وتعالى عليهم جميعاً.
فالحب في الله ألف بين القلوب، والحب في الله جعلهم يدافعون عن دين الله سبحانه، وكل منهم يفضل أخاه على نفسه، ويؤثره على نفسه، فيخرج للجهاد في سبيل الله سبحانه ويتمنى لو أنه هو الذي يستشهد دون أخيه حباً في الدار الآخرة وحباً في الله عز وجل وفي الجهاد في سبيل الله، وإيثاراً لأخيه على نفسه، فيفضله في الدنيا، ويفضل أن يموت هو على أن يموت أخوه قبله.